We trust in Democracy

-

>> SOITM's Map of North of Iraq - Ethnic Distribution of Non-ruling Communities (Minorities) <<

Home HRs Documents UNAMI Universal DHR Minority Rights Rights of IP Reform at UN Universal PR

Publications of SOITM

الحقبة المظلمة لتركمان قضاء طوز خورماتو تحت حماية الأحزاب الكردية والبيشمركة بين ٢٠٠٣ - ٢٠١٧*

(The Dark Era of the Turkmen of Tuz Khurmatu District under the Protection of the Kurdish Parties and the Peshmerga (2003-2017) )

شيث جرجيس**                                                                                                                                         **(Sheth Jerjis)

نُشرت في مجلة جمعية دراسة الجغرافية السياسية الاثنية، المجلد ١٢، العددان ١ و٢، شتاء ٢٠٢٤

This article concerns the Arabic version of the same English-language contribution in this 2025 volume of our journal, translated by the author himself.

English Abstract: This article seeks to provide details and revealing insights about the difficult, indeed dire conditions experienced by the Turkmen in the district of Tuz Khurmatu, due to the policies of the Kurdish parties and the behaviour of the Peshmerga fighters, who monopolised the administration and governance of the district, along with other Turkmen areas, after the fall of the Ba'ath regime led by Saddam Hussein in April 2003, for 11 years until mid-2014, and with the Shi'ite armed factions since then until October 2017. This occurred at a time when the Iraqi state had collapsed and the rule of law was absent, and the Kurdish parties were the second largest force in the administration of the Iraqi state after the international, US-led coalition forces.

The article also examines the ethnic and sectarian composition of the Tuz Khurmatu district, the suffering of the district's Turkmen majority under the ethnic cleansing policies practiced by the Ba'ath regime, and the administrative and political situation after its fall. It also discusses how Western media, strategic centres, and human rights organisations dealt with the Turkmen presence in Iraq in general, and with the bloody events and the suffering of the Turkmen there during the period of study. The article concludes that the Turkmen of Tuz Khurmatu experienced the worst period in their history, specifically between 2003 and 2014, when they were under the sole control of Kurdish parties and were 'protected' exclusively by Kurdish security forces and the Peshmerga.

The article argues that the Kurdish parties and the Peshmerga played both a direct and indirect role in the violent attacks on the Turkmen, and that Western media outlets, strategic institutions, and research centres did not paint a true picture of those events. Instead, they relied on Kurdish politicians and the Peshmerga to gather, provide and interpret information, resulting in a lack of neutrality that favoured the Kurds.

The article also shows that the Western approach to the Kurdish issue is superficial and biased, influenced by the overwhelming sympathy stemming from the largely unintentional exaggeration of Kurdish suffering in Western publications and the influence of Western political approaches. It also argues that Western studies of the Anfal campaigns (April-May 1988) lack adherence to scientific principles and rely entirely on Kurdish narratives, with all their attendant exaggerations and biases. As a result, thousands of inaccurate reports, articles and studies have emerged, portraying the operation as a fable brutal myth.

These criticisms target the credibility of Western strategic centres, including the media, human rights organisations and academic research centres, which should rightly cast doubt on their integrity. Therefore, these Western centres are required to review their claims regarding the number of Kurdish victims in the Anfal campaign, which they estimated at between 50,000 and 200,000 people, while adhering to the principles of scientific research.

Keywords:Tuz Khurmatu, Kirkuk, Kirkuk, Turkmen, violence, Kurdish parties, Islamic State, Islamic state (ISIS), Peshmerga fighters, Iraq 

الملخص

يسعى هذا المقال الى تقديم تفاصيل ورؤى كاشفة حول الظروف الصعبة، بل المؤلمة، التي عاشها تركمان قضاء طوز خورماتو، بسبب سياسات الأحزاب الكردية وسلوك مسلحي البيشمركة الذين انفردوا في إدارة وحكم القضاء لوحدهم، إلى جانب مناطق تركمانية أخرى، بعد سقوط نظام البعث في نيسان ٢٠٠٣، لمدة ١١ عامًا حتى منتصف عام ٢٠١٤، ومع الفصائل الشيعية المسلحة حتى تشرين الأول ٢٠١٧. حدث هذا في الوقت الذي كانت فيه الدولة العراقية منهارة و سيادة القانون غائبة، وكانت الأحزاب الكردية هي ثاني أكبر قوة في إدارة الدولة العراقية بعد قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

يتناول المقال أيضًا التركيبة العرقية والطائفية لقضاء طوز خورماتو، ومعاناة تركمان القضاء من سياسات التطهير العرقي التي مارسها نظام البعث بقيادة صدام حسين، والوضع الإداري والسياسي بعد سقوطه. كما يناقش كيفية تعامل وسائل الإعلام الغربية والمراكز الاستراتيجية ومنظمات حقوق الإنسان مع الوجود التركماني في العراق بشكل عام، ومع الأحداث الدموية ومعاناة التركمان هناك خلال فترة الدراسة. يخلص المقال إلى أن تركمان طوز خورماتو عاشوا أسوأ فترة في تاريخهم، وتحديدًا بين عامي ٢٠٠٣ و٢٠١٤، حين كانوا تحت سلطة الأحزاب الكردية فقط، وكان حمايتهم وحماية مناطقهم حصريًا من قِبل قوات الأمن الكردية والبيشمركة.

ويجادل المقال بأن الأحزاب الكردية والبيشمركة لعبت دورًا مباشرًا وغير مباشر في الهجمات على التركمان، وأن وسائل الإعلام والمؤسسات الاستراتيجية ومراكز الأبحاث الغربية لم ترسم الصورة الحقيقية للأحداث، ولم تعتمد على مصادر موثوقة ومحايدة في نقلها، بل اعتمدت على السياسيين الأكراد والبيشمركة في جمع المعلومات وتوفيرها وتفسيرها، مما أدى إلى انعدام الحياد لصالح الأكراد على حساب تركمان القضاء.

يُجادل المقال أيضًا بأن النهج الغربي تجاه القضية الكردية سطحي ومتحيز، متأثرًا بتعاطفٍ ساحق نابع من المبالغة غير المقصودة إلى حد كبير في تصوير معاناة الأكراد في المنشورات الغربية وتاثير النهج السياسي الغربي. كما يُجادل بأن الدراسات الغربية لحملات الأنفال (نيسان - مايس ١٩٨٨) تفتقر إلى الالتزام بالمبادئ العلمية، وتعتمد كليًا على الروايات الكردية، مع كل ما يصاحبها من مبالغات وتحيزات. ونتيجةً لذلك، ظهرت آلاف التقارير والمقالات والدراسات غير الدقيقة، التي تُصوّر العملية على أنها أسطورة وحشية.

تستهدف هذه الانتقادات مصداقية المراكز الاستراتيجية الغربية، بما في ذلك وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان ومراكز البحث الأكاديمي، الذي من شانه ان يثير الشك حول نزاهتها. لذلك فإن هذه المراكز الغربية مطالبة بمراجعة ادعاءاتها بشأن عدد ضحايا الأكراد في حملة الانفال الذي قدّرها بين ٥٠ ألفاً إلى ۲٠٠ ألف نسمة، مع الالتزام بمبادئ البحث العلمي.

الكلمات المفتاحية: طوز خورماتو، التركمان، أحداث العنف، الأحزاب الكردية، تنظيم الدولة، داعش، مسلحي البيشمركة، العراق.

المقدمة

سيطرت المشاعر القومية وطغت النزعات على مجتمعات الشرق الأوسط منذ مطلع القرن العشرين، ولكون العراق يعتبر جزءًا من هذه الخريطة، فقد كان تأثيرها على المجتمع العراقي المتعدد الأعراق عميقًا، بحيث بلغت المشاعر القومية العربية ذروتها في العراق مع حزب البعث، في حين تصاعدت المشاعر القومية الكردية نحو الذروة مع انطلاق الحركة الكردية المسلحة ضد الدولة في أوائل الستينيات من القرن الماضي. ومن ناحية أخرى، نمت المشاعر القومية بين المجتمعات العراقية الصغيرة، وثالث أكبرها التركمان، بنفس الزخم، مما دفعهم إلى الإصرار على المطالبة بحقوقهم الاثنية والثقافية.

لقد حفزت الأحداث التي أعقبت سقوط نظام البعث في العراق عام ٢۰۰٣ على انطلاق الصراعات العرقية والدينية، وكما هو معلوم بان المجتمع العراقي يعد فسيفساء مؤلف من عدة اعراق وأديان. ان التحديات التي واجهها المجتمع العراقي من الإدارة العنصرية والدكتاتورية والحروب المستمرة والحصار الاقتصادي أدت إلى رفع حدة الخلافات والصراعات الداخلية. كما أدى غياب الثقافة الديمقراطية والنظام الديمقراطي إلى تعريض المكونات العراقية الأصغر والاقل قوة، مثل التركمان، الذين يفتقرون الى الوسائل اللازمة لحماية انفسهم ومناطقهم لجميع أشكال انتهاكات حقوق الإنسان.

عانى تركمان العراق من هذا الوضع منذ قيام الدولة العراقية في عام ۱٩۲۱، اذ تم تقليص اعدادهم السكاني بشكل متعمد بعد إعلان الدولة العراقية مباشرة واستمرت هذه العملية حتى اليوم، على الرغم من أن هذا التقليص المتعمد في حجم سكانهم قد تم التخلي عنه إلى حد ما بعد سقوط النظام. الى جانب ذلك، تم إلغاء التعليم باللغة التركمانية في ثلاثينيات القرن الماضي، وتقلص حضورهم في مؤسسات الدولة مع مرور الوقت، وجاء نظام البعث لينتهك أبسط حقوق الإنسان ليشمل جميع المكونات العراقية، وقد كان للتركمان النصيب الأكبر من هذه الانتهاكات، فعلى سبيل المثال تمت مصادرة أراضي تركمانية شاسعة، وتم تغيير التركيبة السكانية لمناطقهم، فضلا عن إجبارهم على تغيير قوميتهم الى العرب، وغير ذلك. ويعد إصرار التركمان على التمسك بثقافتهم القومية، والثروة النفطية في مناطقهم، وخصوبة أراضيهم من أهم أسباب تعرضهم لانتهاكات حقوق الانسان من قبل القوى القومية المتعصبة التي سطت على مقاليد السلطة في العراق.

عانى التركمان الشيعة من عنصرية نظام البعث على المستويين القومي والطائفي، ويعتبر قضاء طوز خورماتو من مناطقهم المهمة الذي تعرض مواطنوه التركمان الشيعة الى معاناة وانتهاكات كبيرة على المستوى القومي. أما على المستوى الطائفي فقد تم اعتقال أعداد كبيرة من مواطني القضاء التركمان وإصدار أحكام بالإعدام والسجن المؤبد عليهم بدعوى الانتماء إلى أحزاب شيعية سرية، مع خطف العديد منهم واختفاء اخرون كثيرون في السجون دون معرفة مصيرهم او الحصزل على معلومات عنهم، وقد تعرضت مناطقهم لهجمات وعمليات قصف بالمدافع والدبابات من قبل الجيش والميليشيات البعثية المسلحة بعد حرب الخليج الثانية عام ١٩٩٠ إبان الانتفاضة الشعبانية، ويقول استاد الأنثروبولوجيا الهولندي فان براونسن، "تم تدمير مدينة طوز خورماتو الشيعية التركمانية" (فان براونسن ٢٠٠٥: ٤٦).

أعقب سقوط النظام البعثي عام ٢٠٠٣ مرحلة سادت فيها الفوضى والصراعات والكوارث في العراق، إذ انهارت الدولة ومعها الدوائر الأمنية والعسكرية، وفقدت القوانين قوتها، وضاع الاستقرار الأمني تماما، وظهرت الصراعات الطائفية والقومية، تزامن ذلك مع بدء الهجمات الإرهابية بمختلف أنواعها في مناطق مختلفة من العراق. وقد انعكس هذا الوضع وبشكل أكثر شدة على المناطق التركمانية، لأن أغلبها مختلطة دينيا وعرقيا.

لقد شكلت سيطرة الأحزاب الكردية ومسلحي البيشمركة على شمال العراق بشكل شبه كامل مباشرة بعد سقوط نظام البعث ولأكثر من عقد من الزمان تحدياً آخر للمناطق التركمانية لم يكن أقل خطورة من الصراعات الطائفية. اذ ان الأحزاب الكردية تدعي بملكية جميع الأراضي التركمانية تقريباً وتعتبرها أراضي كردية تاريخية وتدرجها ضمن خريطة المنطقة الكردية وتضعها في فقرات دستورها. ان هذا الاحتكار لسلطة الدولة من قبل الاحزاب الكردية مباشرة بعد الاحتلال، الى جانب الدعم المطلق من قبل قوات التحالف، ساعدها على وضع جميع الأراضي التركمانية تقريبا ضمن المناطق المتنازع عليها، مما القى بظلال من الشك على الهوية العراقية والتركمانية لهذه المناطق (كين ٢٠١١: ١۳-١٤، ٢٢، ٣۷،٣۲).

معلومات عامة

طوز (دوز) خورماتو اسم تركماني ثلاثي يعني الملح (طوز) والتمر (خورما) والتوت (تو)، كانت القضاء كانت ناحية تابعة لقضاء كفري في محافظة كركوك، وفي عام ١٩٢٢ أصبحت ناحية من نواحي داقوق (طاووق) في المحافظة ذاتها (ادموندز ١٩٥٧: ٢٧٧). وفي عام ١٩٥١ تحولت الى قضاء تابع لمحافظة كركوك، وفي عام ١٩٧٦ وفي إطار سياسة التعريب التي انتهجها نظام البعث ولتقليل الكثافة السكانية التركمانية في محافظة كركوك تم فصله عن المحافظة وضمه إلى محافظة صلاح الدين، رغم أنه أقرب إلى مركز محافظة كركوك منه إلى مركز محافظة صلاح الدين. بالإضافة الى ذلك، يُشكل القضاء نتوءًا من محيط محافظة صلاح الدين يمتد شرقا بطول يقارب ٦٠ كيلومترا، مما يشير الى أن ربط القضاء بمحافظة صلاح الدين هو ذو طابع سياسي بحت. يذكر ان قضاء طوز خورماتو كان يضم ناحية أمرلي حتى عام ٢۰١٨، حين أصبحت الاخيرة قضاءً مستقلا.

يقع قضاء طوز خورماتو على بعد ٧٥ كيلومترا جنوب محافظة كركوك. ويضم القضاء عشرات القرى وثلاث نواحي، وهي ناحية المركز وأمرلي وسليمان بك. ولم تكن آمرلي قد أصبحت قضاءاً خلال فترة الدراسة. بلغ عدد سكان قضاء طوز ثلاثين ألف نسمة في عام ١٩٢٢ (ادموندز ١٩٥٧ :٢٧٧). وفي تعداد عام ١٩٥٧، بلغ عدد سكان ناحية مركز للقضاء، الذي غطى تقريبًا نفس مساحة قضاء طوز اليوم ٨٨٤٦٦ نسمة (المكتب الرئيسي للإحصاء ١٩٥٩: ١٥). وفي إحصاءات عام ١٩٧٧ و١٩٨٧ و١٩٩٧، بلغ عدد سكان قضاء طوز ٦١٧٤٤ و٨٦٤٧١ و١١٥٩٤٢ نسمة على التوالي (البياتي ٢٠١٤: ٦٠). وفي تقديرات عام ٢٠١٨، بلغ عدد سكان القضاء مع آمرلي ١٩١٧٢٩ نسمة (الجهاز المركزي للإحصاء ٢٠١٨: ٢٨٧). وتبلغ مساحة قضاء طوز خورماتو مع آمرلي ٢٣١٦ كيلومتراً مربعاً.

التركيبة الاثنية

تعتبر طوز خورماتو من المناطق التركمانية الأقل تعرضاً للهجرات الكردية والعربية بالقياس الى كثير من المناطق التركمانية الأخرى وخصوصا محافظة كركوك ومدينة أربيل (جرجيس ٢۰٢٢: ١٤۰-١٤١)، حيث أن الغالبية العظمى من العرب في طوز خورماتو هم بالاصل من التركمان المستعربين من قبيلة البيات التركمانية، الذين يقطنون بشكل رئيسي في ناحية سليمان بك وبعض قراها وفي قرى أخرى تابعة للقضاء، يشاركهم جيب صغير من عشيرة البو حمدان العربية وبعض العشائر العربية الأخرى خصوصا في منطقة الحليوة. اما الاكراد فيسكنون في مركز القضاء وهناك بعض القرى الكردية في شرق طوز خورماتو .

يمكن القول إن الهجرة الكردية نحو الغرب الى المناطق التركمانية كانت اصغر نسبيا كلما اتجهنا جنوباً، حيث كانت حصة كركوك اكبر حصة لكونها انتعشت اقتصادها نتيجة استخراج النفط، وحصة طوز خورماتو أصغر من حصتي اربيل وكركوك. وحتى خمسينيات القرن الماضي، عندما كانت هجرة الأكراد إلى كركوك ضخمة، كان وصولهم إلى طوز خورماتو اقل.

بعد إعلان الجمهورية في عام ١٩٥٨، قامت حكومة عبد الكريم قاسم ببناء أحياء للفقراء في العديد من المدن العراقية وأطلقت عليها أسماء كحي الإسكان أو حي الجمهورية، وحصل الأكراد على معظم بيوت حي الجمهورية الجديدة في مدينة طوز خورماتو وأيضا في مدينة كركوك. ثم استمر نزوح الأكراد إلى المناطق التركمانية مع بدء الحركة الكردية المسلحة في الشمال عام ١٩٦١، والتي تخللتها زيادة في اعداد النازحين مع تطور الأحداث، فعلى سبيل المثال:

      - مع انهيار الحركة الكردية عام ١٩٧٥، بعد عقد اتفاقية الجزائر بين بغداد وطهران .

      - مع قيام آغاوات الأكراد، وخاصة من عشائر سورجي وخيلاني وخوشناو، ببيع أراضيهم للحكومة العراقية في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، نزحت أعداد كبيرة من القرويين الأكراد من مناطقهم الجبلية إلى المدن والقرى في المحافظات المجاورة، وبالدرجة الاولى الى المناطق التركمانية مثل مدينة أربيل ومحافظة كركوك، بالاخض الى المدينة ومناطق شرق وشمال المحافظة، وقضاء طوز خورماتو والعديد من المناطق التركمانية في محافظة ديالى.

      - مع قيام حكومة البعث بهدم عدد كبير من القرى، وخاصة الكردية، في المحافظات الشمالية في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، حيث حدثت موجة نزوح كردية كبيرة أخرى.

      - مع عمليات الأنفال في عامي ١٩٨٧ و١٩٨٨ التي أعقبتها هجرة موجات أكبر من الأكراد إلى الأقضية والمدن التركمانية.

وكان لمنطقة طوز خورماتو نصيبها من هذه الهجرات، فنشأت منطقة جميلة كتسمية غير رسمية ضمن حي الجمهورية ذات غالبية كردية نحو نهاية السبعينيات من القرن الماضي من هجرة الاكراد بالأخص من قرى ناحية قادر كرم في شرق القضاء.

وبعد سقوط نظام البعث عام ٢٠٠٣ وبقاء الجزء الشمالي من العراق تحت سيطرة الأحزاب الكردية ومسلحيها، كان من السهل عليها جلب آلاف العوائل من المناطق الكردية وتوطينهم في كافة المناطق التركمانية، فقامت ببناء مساكن غير قانونية وتجاوزت على الأراضي التابعة للبلدية والحكومة وعلى الأراضي التركمانية، وسيطرت على كافة المباني الحكومية وأسكنت فيها اما عوائل كردية أو جعلتها مقرات للأحزاب الكردية والبيشمركة. وقد تكررت الأحداث نفسها في أغلب مناطق شمال العراق، وخاصة في محافظة كركوك.

وفي قضاء طوز خورماتو، شيدت العوائل الكردية مئات المنازل على مساحة واسعة من الأراضي بين حيي الجمهورية وجميلة من جهة والجبال الواقعة شرقي المدينة من جهة أخرى، وتوسع الحيّان إلى عدة أضعاف حجمهما. وكانت الغالبية العظمى من العوائل الكردية من غير سكان القضاء حيث نزحوا اليها من جهة الشرق. وعندما دخل الجيش العراقي الى المدينة في ١٧ تشرين الثاني عام ٢٠١٧، غادر جميع الأكراد المدينة والقضاء خوفا من الانتقام، من عوائل وموظفين وبيشمركة، ومن ثم عادوا جميعاً بعد سبعة إلى ثمانية أشهر من ذلك، باستثناء مسلحي البيشمركة وقوات الأمن والموظفين الذين اساءوا التعامل مع التركمانً. وهكذا بقي في طوز خورماتو أغلب الأكراد الذين دخلوا القضاء بعد سقوط النظام. أما عن طرد العوائل من طوز خورماتو في عهد نظام البعث، فقد وصل عدد التركمان إلى المئات، في حين لم يتجاوز عدد الأكراد سوى بضع عشرات من العوائل.

أما بالنسبة للمناطق التركمانية في طوز خورماتو، فإن مركز القضاء، الذي يضم أكثر من نصف سكان القضاء، ومدينة آمرلي، الأغلبية الساحقة هم من التركمان. أما مركز ناحية سليمان بك، فيضم أغلبية ساحقة من السكان المنتمين إلى قبيلة البيات التركمانية المُستعربة، حيث يتحدث حوالي ١۰٪ من السكان اللغة التركمانية كلغة ام. كما يسكن التركمان العديد من قرى ناحية آمرلي من اكبرها قرية بيراوجلي وجارداغلي وقره ناز، وقرى ناحية سليمان بك، وبعض قرى مركز القضاء، بما في ذلك قرية ينكجة الكبيرة.

رغم ان قضاء طوز خورماتو يعتبر من المناطق التركمانية التاريخية ولازال التركمان يشكلون الأكثرية الكبيرة فيها وتعرض لهجرات عربية وكردية كبيرة، تخطئ العديد من المصادر الغربية في تقديم تركيبة عرقية مغايرة لواقع سكان طوز خورماتو، فاما تساوي فيها نسب القوميات (جاستون ٢٠١٨:٥٢) او تذكر الاكراد أولا (المكتب الأوروبي لدعم اللجوء ٢٠١٨: ٢؛ هيومن رايتس ووتش ٢٠١٧) او تذكر التركمان كقومية ثالثة في التركيب السكاني (المنظمة الدولية للهجرة أ ٢٠٢٤: ١)، وكما هو الحال في كافة المناطق التركمانية، فإن العديد من المصادر الغربية تبالغ في حجم الوجود الكردي في قضاء طوز خورماتو، فمثلا يشير تقرير زووم نيوز الى ان "عدد السكان الكرد في طوز خورماتو انخفض إلى ٣٠٪ بسبب حملة التعريب"، (زووم نيوز ٢۰٢٤) الا ان اليوم وبعد توطين مئات العوائل الكردية في القضاء بعد سقوط نظام البعث فان نسبة الاكراد في القضاء اقل بكثير من النسبة المذكورة (كركوك ناو ٢٠٢٤). اما وسائل الاعلام الكردية فان مبالغتها في تحريف الحقائق عن التوزيع الاثني لسكان المناطق التركمانية لصالح الكرد كبيرة جدا. في أحد تقاريرها، رفعت شبكة رووداو الإعلامية الكردية نسبة الأكراد في القضاء إلى ٤۰٪ (روداو ٢۰١٧).

كما أن هناك تقارير دولية تؤكد الطبيعة التركمانية لقضاء طوز، حيث جاء في أحد تقارير المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، "تقع منطقة طوز خورماتو، موطن الشيعة التركمان والسنة والأكراد السنة والمجتمعات العربية السنية، في موقع استراتيجي على طريق كركوك-بغداد السريع في وسط العراق. مركز طوز خورماتو هو تركماني في الأصل. ويتألف مركزها الحضري من السكان التركمان والأكراد والعرب السنة" (المنظمة الدولية للهجرة ب ٢٠٢٤: ٧).

اما اليوم، فيشكل التركمان ٦٥٪ من نفوس القضاء، والأكراد ٢٥٪ والعرب ١٠٪. وتم الاتفاق على هذه النسب بين مكونات القضاء. (كركوك ناو ٢٠٢٤) وفي مدينة طوز خورماتو فالنسب هي على النحو التالي: التركمان ٧٥٪ والأكراد ٢٠٪ والعرب ٥٪.

من منظور تاريخي، كانت الغالبية العظمى من أسماء السكان والقرى والسهول والوديان والأنهار على الخط التركماني المائل (تلعفر- بدرة) كانت تركمانية حتى أوائل القرن العشرين (خريطة ١)، اذ عُرّبَت او كُرّدت العدد منها. على سبيل المثال، ذكر علي يزدي مديتني داقوق وآلتون كوبرو بأسميهما التركمانيين في القرن الرابع عشر (يزدي ١٧٢٣: ٤٥١). تذكر السالنامة العثمانية التي يعود تاريخها إلى فتح السلطان العثماني لكركوك في القرن السادس عشر أسماء الأشخاص والمدن والقرى والأنهار والوديان والجبال جميعها بأسماء تركمانية (نقيب ٢٠٠٨: ٣٧-٤٧). وعلى نفس المنوال، فقد ذكر جميع الرحالة الذين مروا بالخط التركماني المائل ولقرون عديدة هذه الأسماء التركمانية. فمثلا، ذكر جيمس كلوديا ريج في رحلته عام ١٨٢٠ من بغداد إلى كركوك الى السليمانية الى الموصل تقريبًا جميع القرى والمدن والمناطق على طول الطريق بالاسماء التركمانية. وذكر هذه الأسماء عندما سار من كفري حتى توجهه إلى السليمانية من كركوك: كفري، كور دره، قره أوغلان، قيز قالاسي، أونيكي إمام، إسكي كفري، جيمن، سهل بيات، قره جاي، قزل خارابا، اق صو، ينيكجة، طوز خورماتو، جوبوك، دمير قابي، داقوق، كهريز، داقوق جايي، علي سراي، جميلة، ماطارا، تازا خورماتو، ليلان وقره حسن (ريج ١٩٧٢).

الخريطة ١ المناطق التركمانية على الخط المائل من تلعفر الى بدرة


المصدر: تم تصميم الخريطة من قبل مؤسسة سويتم

قال ريج عن طوز خورماتو، أن الطبيعة العرقية لطوز خورماتو هي تركمانية وقدّر عدد سكانها بخمسة آلاف نسمة (ريج ١٩٧٢: جلد ١، ٢٦,٣٣) ويقول ضابط سياسي بريطاني خدم في الحكومات العراقية الأولى وفي أعلى المناصب السيادية عن طوز خورماتو، إن الناحية أهم مركز لمذهب القزلباش التركمانية في المحافظة (ادموندز ١٩٥٧:٢٧٧-٢٧٨). اما لجنة عصبة الأمم التي حددت مصير ولاية الموصل العثمانية في عشرينيات القرن العشرين فقالت عن طوز خورماتو أن سكانها هم من الأتراك أو التركمان بالكامل (عصبة الأمم ١٩٢٤: ٣٨).

في عام ٢٠١٨، أدرج تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي المدعومة من بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، طوز خورماتو كواحدة من أكبر المناطق ذات الأغلبية التركمانية في العراق، معتبرا أن التركمان يشكلون ٧٪ من سكان محافظة ديالى، اذ ذكر التقرير ان "التركمان يشكلون حوالي ٧٪ من السكان (مع أقليات كبيرة في كفري والمقدادية وجلولاء والسعدية وقره تبه، من بين أكبر المدن ذات الأغلبية التركمانية في العراق)" (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ٢٠١٨: ٢٩).

اما بالنسبة للوجود الكردي في شرق طوز خورماتو ليس قديماً، فمثلاً قبيلة داوودة تشكل أغلبية الأكراد في شرق القضاء، قدر عباس العزاوي وادموندز تاريخ وجودهم هناك بـ ١٥٠ عاماً (العزاوي ١٩٤٧: ١٦٥؛ ادموندز ١٩٥٧: ٢٧٢-٢٧٣).

البنية المذهبية

التركيبة المذهبية في قضاء طوز خورماتو هي كما يلي:

      - تركمان مدينتي طوز خورماتو وامرلي وقرى بير اوجلي وجارداغلي وقره ناز هم من المذهب الشيعي بالكامل تقريباً،

      - مركز ناحية سليمان بيك والعديد من قراها وقرى قضاء امرلي هم من المذهب السني بالكامل تقريبا. قرية ينكيجه الكبيرة سنية ٨۰٪.

      - عرب واكراد القضاء جميعهم من المذهب السني.

      - هناك دائمًا بعض العائلات من احد الطوائف في مناطق الطائفة الأخرى.

فترة حكم نظام البعث

قبل عام ۲۰۰۳ تعرض التركمان في قضاء طوز خورماتو لعداء نظام البعث لسببين الأول أنهم من أصول تركمانية والثاني أن غالبيتهم من المذهب الشيعي. كما تعرض القضاء

للهجرة الكردية لوقوعه على طريق الهجرات الكردية المستمرة نحو الغرب.

في إطار السياسة العنصرية التي انتهجها نظام البعث منذ أكثر من ثلاثة عقود، تعرض قضاء طوز خورماتو، كغيره من المناطق التركمانية، لكافة أشكال انتهاكات حقوق الإنسان. فمن ضمن مئات من الاجراءات وفي إطار سياسات التعريب الممنهجة، تم توطين مئات الآلاف من العرب في المناطق التركمانية، وتهجير التركمان من مناطقهم وإجبارهم على تغيير قوميتهم، وتغيير كافة الأسماء التركمانية للمدن والقرى والشوارع والمدارس وحتى أسماء العائلة والمحلات التجارية، وتمت مصادرة مئات الآلاف من الدونمات من الأراضي التركمانية، وتعسير ظروف المعيشة في المناطق التركمانية من خلال عرقلة المعاملات الحكومية وتقييد مجالات الاعمال الحرة. إضافة الى اعتقال وإعدام الآلاف من التركمان بحجة الانتماء إلى أحزاب سياسية. وقد صاحب هذه السياسة العنصرية لحزب البعث الاهمال والتردي الخدمي العمراني والبنى التحتية للمناطق التركمانية.

ففي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بدأت تظهر احياء وازقة عربية داخل مدينة طوز خورماتو، حيث تم بناء حي الطين والحي العسكري للعرب، كما تم منح أراضٍ لهم في حي العصرية بحيث قامت الحكومة بتمويلهم لبناء المنازل، و شمل أيضا بناء منازل من قبل العوائل العربية في حي الإمام أحمد.

اما بالنسبة لمصادرة الأراضي، ففي قرار مجلس قيادة الثورة المرقم ٣٦٩ والمؤرخ ٣١ مارت ١٩٧٥ وضمن اكبر مصادرة للأراضي التركمانية في محافظة كركوك تم استملاك ٢٩٨٧١ دونما من الأراضي في قضاء طوز خورماتو حيث ان جميع أصحابها من تركمان القضاء، (الملحق ١) عندما كان طوز احد اقضية محافظة كركوك.

بعد سقوط نظام البعث أنشأت الحكومة العراقية مؤسسة حكومية تسمى لجنة نزاعات الملكية لحل قضية الأراضي المصادرة في عموم العراق، وبلغ عدد الدعاوى التي رفعها تركمان طوز خورماتو أمام هذه اللجنة ٤٩٧٠ دعوى حتى عام ٢۰١٤\٢۰١٥، ولم يتم إعادة أي أرض إلى أصحابها التركمان (انبو ٢٠١٣: ٧).

وقد اتهم نظام البعث المئات من سكان طوز خورماتو التركمان بأنهم إما قوميون ينتمون إلى أحزاب سياسية قومية تركمانية أو إسلاميون ينتمون الى أحزاب دينية شيعية. ففي حملة اعتقالات جرت في الفترة ١٩٨٠-١٩٨٢، اعتُقل المئات من التركمان بدعوى انتمائهم إلى أحزاب شيعية عراقية. وأُعدم ١٠١ منهم وحُكم على آخرين بأحكام مختلفة بالسجن، بما في ذلك السجن المؤبد. واختفى العديد منهم بعد اعتقالهم، وغادر العديد من اهل طوز خورماتو العراق خوفاً من الاضطهاد (الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق ١٩٩٩).

مع انسحاب الجيش العراقي من الكويت في شهر مارت عام ١٩٩١ وحدوث انتفاضة شعبية عارمة ضد نظام البعث سيطر الأهالي على الإدارات في أغلب المحافظات العراقية، وتمت مهاجمة مقرات حزب البعث والجيش الشعبي وأجهزة الأمن ومقرات الشرطة واعتقال قيادات حزبية حيث جرح وقتل العديد منهم.

اما في مدينة طوز خورماتو فقد تجمع الشباب التركمان في مجموعات، وخاصة من أحياء ملا صفر ومنطقة كوجوك الجامع وحي التانكي، وتمكنوا من تسليح أنفسهم وبدأوا بكتابة وتوزيع المنشورات على البيوت والمحلات التجارية، وسيطروا على دائرة المخابرات والبريد.

ثم تم التواصل بينهم وبين بعض المجموعات الكردية المسلحة، وفي مساء يوم ١١ آذار ١٩٩١ تم الاستيلاء على أغلب مناطق المدينة، بما في ذلك مركز الشرطة الرئيسي وأجهزة الأمن ومن ثم مقر الجيش الشعبي. وأقام المسلحون التركمان نقاط حراسة في اطراف المدينة، ومنع المسلحون التركمان هجمات المسلحين الأكراد على المؤسسات التعليمية، ثم امتدت السرقات إلى مؤسسات الدولة من قبل الجهات الكردية واحيانا من قبل سكان المدينة نفسها.

وكانت المدينة قد تعرضت لقصف مدفعي وقذائف هاون وأحياناً قصف جوي من قبل قوات نظام البعث لأكثر من أسبوع منذ بدء الانتفاضة، ثم تعرضت للاقتحام. وفي النهاية استطاع الجيش العراقي بالتعاون مع العشائر العربية القضاء على مقاومة سكان المدينة ودخلوها وانهوا الانتفاضة فيها، مما أسفر ذلك عن مقتل وجرح العشرات من السكان وتضرر العديد من المنازل. وكانوا قد هددوا السكان باللجوء الى قصف المدينة

بالأسلحة الكيمياوية وقامت طائرات حربية باستعراضات في سماء المدينة.

وفي اليوم الأول من سيطرة الدولة على المدينة، تم إخلائها من جميع السكان. وعندما عادوا إلى المدينة بعد أكثر من أسبوع، وجد الكثير منهم منازلهم أو متاجرهم منهوبة وسياراتهم مسروقة، بعد أن نهبتها قوات الجيش الشعبي وافراد من العشائر العربية. وكان الجيش قد اعتقل نحو ٥٠٠ شاب تركماني، تعرض معظمهم للاعتداءات والسجن، بينما فر العديد من الشباب التركمان المسلحين الذين قاوموا الجيش إلى الدول المجاورة.

بعد سقوط نظام البعث

بدأت هذه المرحلة بإسقاط نظام البعث في ٩ نيسان ٢٠٠٣ عبر التدخل العسكري الأميركي، ثم تشكلت سلطة الائتلاف المؤقتة برئاسة بول بريمر الذي كان مرتبطاً مباشرة بوزير الدفاع الأميركي كحاكم للعراق. وفور سقوط نظام البعث تم حل جميع دوائر الدولة العراقية التي كانت مبنية من أعضاء حزب البعث، بما في ذلك الإدارة المدنية وقوات الأمن والجيش. (بيكر ٢٠٠٣: ٤)

في إطار الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وتركيا، كانت الولايات المتحدة على يقين من الدعم التركي لإسقاط نظام البعث في العراق عام ٢٠٠٣. لكن الولايات المتحدة أصيبت بخيبة أمل عندما رفضت تركيا المشاركة معها ولم تسمح باستخدام الأراضي التركية. ولذلك، استبدلت الولايات المتحدة تركيا بالأحزاب الكردية كشريك استراتيجي وحيد في العراق.

فأصبحت الأحزاب الكردية وقوات البيشمركة القوة الثانية بعد الولايات المتحدة لإدارة العراق وفي إعادة بناء الدولة العراقية ومؤسساتها الجديدة اذ حصلت على الدعم الكامل منها وأصبحت الأحزاب الكردية تسيطر على آليات الحكم في العراق ابتداءً أصبح مسلحوا البيشمركة الكردية بمثابة الجيش العراقي وسيطرت على شمال العراق، وبهذا خضعت جميع المناطق التركمانية ومناطق الأقليات العراقية الأخرى للسيطرة الكردية. وظلت المنطقة تحت السيطرة المطلقة للأحزاب الكردية إدارياً وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً وعلى مدى ۱٤ عاماً حتى عام ۲۰۱۷.

كانت جميع الأحزاب غير الكردية، بما في ذلك الأحزاب العربية والتركمانية والآشورية، قد تأسست في الخارج، باستثناء حزب الدعوة العراقي، وكلها كانت تفتقر إلى الخبرة في إدارة دولة وممارسة المعارضة العملية. أما الأحزاب الكردية، فقد كانت تمتلك خبرة ثلاثة عشر عاماً في إدارة مناطقها بعد خروجها من سيطرة نظام البعث في عام ١٩٩١، وكانت لها قواتها الأمنية والعسكرية الخاصة، ممثلة بالبيشمركة والاسايش (الامن الكردي).

لطالما حظي الأكراد بتعاطف مفرط من الغرب، وخاصة لأنهم كانوا يتعرضون لهجمات من الدول التي حاربوها، وخاصة في العراق. وقد انعكس ذلك في شكل المساعدات المالية واللوجستية والسياسية والإعلامية الكبيرة للأحزاب الكردية والمجتمع الكردي، مع تجاهل المكونات العراقية الأخرى، وعلى راسها التركمان.

الخلاصة، بعد سقوط النظام البعث كانت مؤسسات الدولة الإدارية والأمنية والعسكرية منهارة وسيادة القانون مفقودة والفوضى عارمة والعنف سائد في جميع انحاء العراق، والأحزاب الكردية والبيشمركة كانت قد باتت تسيطر على المشهد السياسي العراقي. في هذه الظروف بدا بناء العراق الجديد من نقطة الصفر وكتابة الدستور.

الوضع العام

عند سقوط نظام البعث، حدث في طوز خورماتو نفس ما حدث في معظم مناطق العراق، حيث قامت الجهات الكردية بالأخص المسلحة من البيشمركة وقوات الامن بنهب جميع دوائر الدولة في المدينة وتم تفريغها من محتوياتها، وسيطرت على جميع الأبنية الحكومية وجعلتها اما مقرات للأحزاب الكردية و للبيشمركة او ابنية سكن للعوائل الكردية. وقامت القوات الكردية بالقاء القبض على العديد من التركمان والعرب وطردت اخرين من دوائر الدولة بحجة انهم كانوا ينتمون الى حزب البعث و اساءوا الى بعض الاكراد قبل الاحتلال.

في شمال العراق كان العرب مسيسين قوميا ومنظمين بشكل جيد حزبيا ومستعدين لمقاومة أي قوة تحرمهم من المكاسب الضخمة التي منحها لهم نظام البعث وكذلك للدفاع عن أنفسهم من أي هجوم محتمل وخاصة من قبل مسلحي البيشمركة لدورهم في حزب البعث وتعريب المناطق الكردية والتركمانية وغيرها من مناطق الأقليات.

أما الأكراد فإن أحزابهم ومسلحي البيشمركة يسيطرون على شمال العراق وكذلك يسيطرون على الساحة السياسية العراقية وإدارة دولة العراق ولديهم رغبة جامحة في إقامة دولة كردية في شمال العراق ومستعدين للانتقام بسبب الظلم الذي اصابهم من قبل نظام البعث ويعتبرون معظم مناطق شمال العراق وخاصة المناطق التركمانية والمناطق ذات الأقليات الأخرى مناطق كردية واستطاعوا إدراجها ضمن المناطق المتنازع عليها وفي دستورهم وخرائطهم.

وكان التركمان والأقليات العراقية الأخرى التي تقع معظم مناطقها في شمال العراق، حريصون على التعويض عن الظلم الذي تعرضوا له على يد نظام البعث والحصول على حقوقهم الثقافية والقومية من جهة. ومن جهة أخرى، عليهم ان يقاوموا اغتصاب الأحزاب الكردية أراضيهم وتهميشهم وانتهاك حقوقهم.

أصبح ابسط عامل سلبي إداري او سياسي او اقتصادي او أمني يسبب استياء السنة والتركمان والأقليات الأخرى من الدولة التي يقودها الأحزاب الشيعية والكردية. وكانت طوز خورماتو إحدى المناطق التي توفرت فيها جميع المعاناة المذكورة أعلاه.

الوضع الإداري

كان قضاء طوز خورماتو تحت قمع واضطهاد نظام البعث، إذ كان القضاء يضم مقرات الأحزاب والجيش الشعبي المسلح، بالإضافة إلى دوائر الشرطة والمخابرات، حيث كان البعثيون العرب يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه الدوائر. كما كان الحال في جميع انحاء العراق، كانت كافة مؤسسات الدولة في طوز خورماتو تحت إدارة كوادر بعثية ذات مراتب حزبية عالية. وكان أهالي طوز خورماتو يعيشون في قلق وريبة تحت إدارة البعث، ولم يكونوا يمتلكون أبسط أنواع الأسلحة لحماية انفسهم في الظروف الطارئة.

كان لقرار تشكيل هيئة اجتثاث البعث، الذي أصدره الحاكم المدني الأمريكي ورئيس العراق آنذاك، بول بريمر، بناءً على إصرار الأحزاب السياسية العراقية، وخاصة الشيعية منها، بعد أيام قليلة من سقوط نظام البعث في ١٦ نيسان، والذي دخل حيز التنفيذ في ١٦ مايس ٢٠٠٣، دورٌ كبير في تفكك الدولة العراقية. لذلك، كان من الضروري تشكيل كوادر إدارية جديدة للدولة في جميع مؤسساتها.

حين سقط طوز خورماتو في نيسان ٢۰۰۳ في ايدي قوات البيشمركة تحت امرة العسكريين الامريكان تم بعد ايام قليلة تعيين كردي كقائمقام لطوز خورماتو ، وبعد فترة قصيرة التقى الضباط الامريكان ببعض الشخصيات من مكونات القضاء التركمان والاكراد والعرب وابلغوهم انه سيتم تشكيل مجلس لإدارة القضاء يتكون من ٩ اعضاء ٣ من كل مكون وطلب الاكراد ان يكون عددهم ٤ اي اكثر من المكونات الاخرى وهو ما رفضه التركمان والعرب وفي الوقت نفسه، كان العرب مترددين في الاشتراك في العملية.

وفي النهاية تم الاتفاق على ان يكون عدد اعضاء المجلس ٢١ اي ٧ اعضاء من كل مكون على الرغم من امتلاك التركمان احقية اكبر كونهم الأغلبية في القضاء وكون المنطقة معروفة بتركمانيتها، على غرار كثير من مناطق تواجد التركمان والمناطق الأخرى في شمال العراق التي تم فيها تجاهل حق الأغلبية التركمانية بشكل متعمد. ثم تكررت الحالة في انتخابات مجالس المحافظات في عام ٢۰۰٥. اذ أن كافة الانتخابات العراقية العامة والمحلية في المناطق التركمانية أجريت تحت السيطرة المطلقة للأحزاب الكردية والبيشمركة في غياب الاستقرار الامني، فقد حصل الأكراد على نتائج أكبر بكثير من حجم تواجدهم في كافة مناطق شمال العراق (جدول ١).

الجدول ١ تقديرات مختلفة لعدد السكان الأكراد في مناطق مختلفة على طول الخط التركماني المائل بعد سقوط نظام البعث*


   *يهدف الجدول رقم ١ إلى توضيح الزيادة في عدد الأعضاء الأكراد في المجالس البلدية في تلك المناطق نسبة إلى حجم السكان الأكراد.

   †نسبة الأكراد في مجالس الأقضية والنواحي حسب التعيينات تحت اشراف العسكريين الأمريكيين والأحزاب والبيشمركة الكردية التي جرت عام ٢۰۰۳ وفي مجالس المحافظات بحسب الانتخابات التي جرت في كانون الثاني ٢۰۰٥.

   ‡نفوس محافظة كركوك عند سقوط نظام البعث في ٢٠٠٣. (مجموعة الأزمات الدولية ٢٠٠٦: ٢)

   *لا توجد إحصائيات أو تقديرات موثوقة.

أشرف ضباط أمريكيون على تشكيل المجلس. ثم تم الاتفاق على إسناد رئاسة المجلس إلى تركماني، فتدخلت الجبهة التركمانية وفرضت مرشحها لرئاسة المجلس، إلا أن الأكراد والعرب رفضوا المرشح التركماني، مدّعين أنه كان عضو فاعل في حزب البعث، وطالبوا بمرشح آخر، إلا أن الجبهة التركمانية لم تسحب مرشحها، وتقرر إجراء انتخابات لرئاسة المجلس، واتفق الأكراد والعرب، إذ كان قسم من أعضاء المجلس العرب قد اختيروا من المقربين للأكراد، فانتخبوا عربياً لرئاسة المجلس، وكان يحضر ممثل عن الأمريكان اجتماعات المجلس. تم تنصيب كردي من خارج سلك الشرطة مديراً لشرطة القضاء، وسيطر الأكراد على إدارة جميع مؤسسات الدولة في طوز خورماتو، ورغم أن مدراء بعض الدوائر أصبحوا من التركمان إلا أنهم كانوا تحت سيطرة الإدارة الكردية. وفي وقت لاحق، عندما كان من الضروري تعيين أشخاص في مناصب سيادية في القضاء، كان مجلس القضاء يرسل ثلاثة أسماء، واحد من كل قومية، إلى الوزارة المعنية، وفي أغلب الحالات كان يتم الموافقة على الاسم الكردي. وظل هذا الهيكل الإداري على حاله تقريبًا حتى سيطر الجيش العراقي على القضاء في عام ٢۰١٧ (ديرزي-هورفاث، ٢۰١٧؛ ملاحظة ١).

عينت الأحزاب الكردية والبيشمركة أعدادًا كبيرة من الأكراد من خارج المدينة في دوائر الدولة، وخاصة في مديريتي الصحة والتعليم، وأصبحوا الأغلبية الساحقة في دائرة الشرطة، وشكلت مديرية الأمن الكردية (الأسايش) الجهاز الأمني بشكل شبه حصري من الأكراد، وأصبحت البيشمركة هي جيش القضاء.

القوات العسكرية والأمنية في القضاء من ٢۰۰۳ الى ٢۰١٧

البيشمركة الكردية

منذ اليوم الأول بعد السقوط، سيطرت الأحزاب الكردية على الأغلبية الساحقة من مناطق شمال العراق وأجزاء كبيرة من محافظتي ديالى وصلاح الدين (كين ٢٠١١: ۹، ١٤-١٥) وكانت البيشمركة القوة العسكرية الوحيدة في تلك الأراضي الشاسعة وأجهزة الشرطة والامن تابعة للأحزاب الكردية. كانت هناك ثلاثة الوية للبيشمركة في قضاء طوز خورماتو وحكومة الإقليم تسيطر على أجهزة والأمن والشرطة.

مع احتلال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) شرق طوز خورماتو في عام ٢٠١٤، نشرت حكومة إقليم كردستان اللواء الرابع الإضافي من مسلحي البيشمركة في طوز خورماتو، مدّعيةً تعزيز قوة الأمن في المنطقة. ولكن كما أن ألوية البيشمركة الثلاثة المنتشرة في المنطقة لم توفر الحماية للتركمان، فإن نشر اللواء الرابع لم يوفر الامن أيضاً.

الشرطة الاتحادية

مع تزايد الهجمات على التركمان في المنطقة، حيث وصلت التفجيرات في بعض الأحيان إلى ٢٤ تفجيراً يومياً، نشرت الحكومة العراقية فوجاً من الشرطة الاتحادية في عام ٢٠١١ على الرغم من معارضة وتهديدات الأحزاب الكردية والبيشمركة. وتمركزت الشرطة الاتحادية في منطقة السايلو خارج المدينة الا انها تعرضت لمضايقات عديدة من قبل البيشمركة. ولم يخفف وجود الشرطة الاتحادية من الهجمات على التركمان، بل زاد من التفجيرات، وعندما سيطر تنظيم الدولة الاسلامية على غرب القضاء، هاجمت قوات البيشمركة مقر الشرطة الاتحادية وطردتهم من القضاء واستولت على مركباتهم وأسلحتهم بما في ذلك الدبابات، مثلما ابعدت البيشمركة القوات التابعة لبغداد في محافظة كركوك في نفس الفترة. في ظل الأجهزة الأمنية التابعة للأحزاب الكردية وجهاز الأمن الكردي (الآسايش)، رفض الأكراد طلبات الأحزاب التركمانية المستمرة وجهودها المضنية لتأسيس فصائل تركمانية مسلحة لحماية أنفسهم ومناطقهم.

الفصائل المسلحة الشيعية العراقية والتركمانية

استمر الأكراد في رفض دخول الجيش العراقي وأي فصيل مسلح آخر إلى طوز خورماتو، رغم استمرار الإبادة الجماعية بحق التركمان. وقد دفعت الفتوى التي أصدرتها المرجعية الدينية الشيعية منتصف عام ٢٠١٤، والتي دعت فيها إلى تشكيل جيش شعبي، الأكراد إلى قبول تشكيل فصائل تركمانية مسلحة. وأجبر حصار آمرلي، الذي أصبح قضية دولية، الأحزاب الكردية على قبول دخول الفصائل الشيعية إلى طوز خورماتو. وفي حزيران ٢٠١٤، دخلت عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، ومنظمة بدر، وسرايا السلام القضاء.

الجيش العراقي الجديد

كانت القوات المسلحة والأمنية العراقية مسيسة وحزبية إلى حد كبير في ظل الدولة البعثية، وقد تفككت تمامًا مع سقوط النظام، مما ترك المجتمع العراقي في حالة من انعدام الأمن الكامل في خضم عدم الاستقرار السياسي والطائفي والقومي فقد استغرقت إعادة بناء الجيش وأجهزة الامن العراقية سنوات عديدة، ولا تزال تعاني هذه الأجهزة من نقص الاحتراف والمشاكل الإدارية والعسكرية.

مع بدء العهد الجديد وعلى مدى سنوات لعب الأكراد دورًا رئيسيًا في إنشاء واشغال المناصب في المؤسسات العسكرية الجديدة. على سبيل المثال، ابتداءً من استلام رئاسة اركان الجيش وقيادة القوة الجوية، إضافة الى حضور واسع في الفرق العسكرية الجديدة التي تشكلت في الموصل، حيث تم تعيين عدد كبير من الأكراد غير المؤهلين كجنود وقادة، كان معظمهم من البيشمركة. (مهدي ٢٠١٣) بعد نحو ١٤ عاماً، انتزع الجيش العراقي السيطرة على جميع مناطق شمال العراق من الأحزاب الكردية والبيشمركة، باستثناء المحافظات الكردية الثلاث في تشرين الأول ٢٠١٧.

العنف الطائفي والقومي ( ٢٠٠٣ - ٢٠١٧)

بعد سقوط نظام البعث كانت جميع الظروف مواتية للعنف الطائفي والقومي، حيث انهارت الدولة إدارياً وأمنياً وعسكرياً بشكل كامل، يرجع هذا في المقام الأول إلى سوء إدارة الولايات المتحدة لعملية الإطاحة بدكتاتورية صدام حسين ومن ثم سوء إدارة الدولة العراقية الذي أدى الى فقدان سيادة القانون واندلاع الفتنة الطائفية والاقتتال الطائفي.

تولت الأحزاب الإسلامية الشيعية والكردية المهمشة قيادة الحكومة والدولة، وكان البعثيون باعداد كبيرة ومسلحين فكرياً وعسكرياً، فبدأوا باستغلال المشاعر القومية والطائفية مباشرة بعد السقوط، حيث كانوا قد ألهبوها إلى أقصى حد في فترة حكمهم. وكانت جميع المناطق التركمانية تقريبا عرضة لهذا التحدي الخطر، من ضمنها طوز خورماتو ذات الطابع الطائفي والإثني المختلط.

بدأت أعمال العنف الطائفية فور سقوط النظام، وفي الأشهر الأولى بعد سقوط نظام البعث، عزّزت حادثتان في مدينتي طوز خورماتو وكركوك شكوك التركمان في نية الأحزاب الكردية السيطرة واحتواء مناطقهم وقمع أي محاولات لمعارضة هيمنة الأحزاب الكردية والبيشمركة على مناطقهم. كما انهما اضفتا زخماً للصراع الطائفي والعرقي.

بتاريخ ٢۰ آب ٢۰۰٣، قام مسلحون من البيشمركة الكردية، المسيطرة على القضاء، بتفجير مقام (مرسي علي) الذي يعتبر من الأماكن المقدسة لدى التركمان الشيعة في طوز خورماتو (مفتي ٢٠١٧). وفي اليوم التالي خرجت مجموعات من التركمان في تظاهرة سلمية في مركز المدينة الا ان قوات البيشمركة هاجمت التظاهرة وأطلقت النار عليهم فقتلت خمسة من التركمان وجرحت كثير منهم، وفي اليوم التالي، خرجت مظاهرات سلمية أخرى في كركوك تأييداً لتركمان طوز خورماتو فهاجمتهم قوات البيشمركة ايضا فقتلت بعض المتظاهرين التركمان وجرحت كثير منهم.

كانت هاتان الحادثتان في طوز خورماتو وكركوك من أوائل التفجيرات الإرهابية ضد المراقد الدينية والتي أشعلت لاحقا الفتنة الطائفية والعرقية في العراق وسرعان ما انتشر العنف الطائفي في أنحاء العراق في غياب القانون وأجهزة الدولة.

ثم جاء تفجير مرقد الامامين العسكريين الشيعي الكبيرين في مدينة سامراء في ٢٢ شباط ٢٠٠٦، فتصاعدت وتيرة العنف في العراق اكثر فاكثر، وتعرضت كافة المناطق التركمانية، وخاصة المناطق التركمانية الشيعية في جنوب كركوك، والتي تضم أيضا قضاء طوز خورماتو، لأكبر وأعنف الانفجارات شهدها العراق. وكانت الأحزاب الكردية مسؤولة وحدها عن إدارة هذه المناطق، بينما كانت قوات البيشمركة الكردية القوة الوحيدة التي تحمي المنطقة، وتسيطر عليها بالكامل.

اخذت معدلات أعمال العنف تزداد بسرعة في قضاء طوز خورماتو، وقدر عدد الانفجارات بعدة انفجارات شهريا في السنوات الأولى، ومنها الانفجارات الضخمة في قرية ينكجة ومدينة آمرلي التابعة للقضاء حيث أدت الى قتل العشرات وجرح المئات. ثم ارتفع إلى عدة انفجارات أسبوعيا. ومع نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين أصبحت الانفجارات يومية وأحيانا عدة مرات في اليوم، وزادت بشكل مفرط مع زيادة نشاط داعش في غرب القضاء وفي نفس الوقت في المناطق السنية عموما، وفي بداية العقد الثاني وصل عدد الانفجارات اليومية أحيانا إلى عشرات الانفجارات. ورافقت الانفجارات عمليات اغتيال واختطاف للتركمان. (الملحق ٣)

كانت الحالة النفسية لتركمان القضاء منهارة، ففي إحدى اعتصامات أهالي طوز خورماتو تحت عنوان "طوز خورماتو تنادي.. هل من ناصر ينصرنا؟" في ساحة ما بين مقام امامين شيعيين حيث أكبر المراقد الدينية الشيعية في مدينة كربلاء، وفي محاولة لجذب انتباه المراجع الدينية الشيعية إلى مأساتهم، قال أحد منظمي الاعتصام: "نحن نعتصم اليوم بجوار الامام الحسين ليعرف العالم حجم معاناتنا وهمومنا التي غيبت عن الرأي العام وتجاهلها حتى اقرب الناس لنا ولأسباب مجهولة" (رويح ٢٠١٣).

يتضمن الملحق الثاني ادناه معلومات مفصلة عن بعض من المئات من الهجمات الإرهابية التي استهدفت المناطق التركمانية في قضاء طوز خورماتو، ويتضمن الملحق الثالث أسماء عدد كبير من التركمان الذين قتلوا أو اغتيلوا أو اختطفوا في طوز خورماتو بين عامي ٢٠٠٣ و٢٠٠٩ فقط، وقد تضاعف العدد عدة مرات بين عامي ٢٠١٠ و٢٠١٤. كان الكثير من عمليات الاغتيال تقع امام منازل الضحايا او في محلاتهم التجارية، كما ان اغلب عمليات الخطف جرت خارج المدينة أثناء تنقل سكانها، وكان بعضها بهدف ابتزاز ذوي المختطف للحصول على فدية ضخمة. فعلى سبيل المثال، دفع التركمان في محافظة كركوك نحو ٥٠ مليون دولار لتحرير ذويهم المختطفين (مؤسسة سويتم ٢٠۲٠: ٩٩؛ مفتي ٢٠١٥).

لقد قدرت مؤسسة انقاذ التركمان خسائر تركمان قضاء طوز خورماتو بين عامي ٢۰۰٣ و ٢۰١٤ بارقام تقريبية على النحو التالي، ٦٠٠ قتيل معظمهم من الرجال، ٣٦٠٠ جريح بينهم نساء وأطفال، ١٦٠ مختطفا، اما اعداد الذين غادروا للقضاء فكانت حوالي ١٥٠٠ عائلة. وكان قد بلغ عدد المنازل والمحال التجارية التي تم هدمها أو إغلاقها ١٢٠٠ منزلاً و٢٠٠ محلاً تجارياً. (ملاحظة ۲) قدر تقرير مفوضية حقوق الإنسان العراقية لعام ٢٠١٨ عدد المعاقين التركمان في القضاء جراء التفجيرات بنحو ١٦٧٠ شخصاً (المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق ٢٠١٨: ٩). قدر مسؤول من مكتب الجبهة التركمانية في طوز خورماتو عدد العوائل التي نزحت من القضاء نحو المناطق الامنة في سنة ٢٠١٣ فقط بـ ٥٠٠ عائلة، قائلا ، "لا يوجد مكان في العالم أسوأ بالنسبة للتركمان من طوز خورماتو" (زوروتوزا ٢٠١٤).

عانت جميع المناطق التركمانية في قضاء طوز خورماتو من تفجيرات ضحمة جدا، وهذا ما يعطي انطباعا واضحا على وجود استهداف ممنهج للمناطق التركمانية لاجل دفع

سكانها الى الهجرة، فيما يلي بعض الانفجارات الكبيرة:

      - انفجار الجامع الكبير في طوز خورماتو عام ٢٠٠٥

كان انفجار الجامع الكبير في مدينة طوز في شهر أيلول من عام ٢٠٠٥ من الهجمات الإرهابية الكبيرة حينها والتي ادت الى قتل ١١ شخصا وجرح ٢٥ آخرون (الجزيرة ٢٠٠٥). حددت وكالة الفرات للانباء عدد القتلى في انفجار الجامع الكبير بـ ٢٤ قتيلا و٥٦ جريحا وتدمير الجامع بالكامل (وكالة انباء براثا ٢١٠٣).

      - اقتحام قرية ينكيجة عام ٢٠٠٦

كانت قرية ينكجة، التي تقع على بعد ١٠ إلى ١٥ كيلومتراً جنوب غرب طوز خورماتو، تتعرض لمضايقات مستمرة من قبل الحرس الوطني آنذاك، الذي كان يتألف في معظمه من قوات البيشمركة. في مساء يوم ١٠ آذار ٢٠٠٦، حاصر الحرس الوطني القرية، واطلقوا عليها نيران بنادقهم وقصفوها عشوائياً بقذائف الهاون. وبحلول منتصف الليل، تم اقتحام القرية. وأمرت قوات البيشمركة الناس عبر مكبرات الصوت في المساجد بالبقاء في منازلهم وإلا فسوف يتم إطلاق النار عليهم إذا خرجوا منها. واستمرت العملية نحو ٢٤ ساعة. وخلال إطلاق النار العشوائي على القرية، قُتل اثنان من السكان (يبلغان من العمر ٣٢ و٢٦ عاماً) وأصيب تسعة عشر شخصاً. وكانت مصادر المياه والكهرباء في القرية هي أول ماتعرضت للهجوم. كما تم اطلاق النار على جميع خزانات المياه الموجودة على أسطح المنازل تقريبا وثقبت. ودُمرت المولدات وكيبلات الكهرباء والأعمدة. ولحقت أضرار جسيمة بمنزلين ودُمرت ستة منازل أخرى جزئياً. وتم إطلاق النار على السيارات الخاصة والدراجات النارية والجرارات المملوكة لأهالي القرية أمام المنازل (سويتم ٢٠٠٦).

      - انفجار مقهى اق صو عام ٢٠٠٦

في ١٦ حزيران ٢٠٠٦، فجر شخص مفخخ بالمتفجرات نفسه في داخل مقهى اق صو في داخل القضاء وكانت النتيجة ٢٥ قتلا واصابة ٣٤ مصابا ودمر المقهى بالكامل (وكالة انباء براثا ٢١٠٣).

      - انفجار امرلي عام ٢٠٠٧

في واحدة من أكبر الهجمات الإرهابية في تاريخ العراق بعد عام ٢٠٠٣، انفجرت في ٧ تموز ٢٠٠٧ شاحنة مفخخة في سوق شعبي وسط قضاء آمرلي الذي كان آنذاك ناحية تابعة لطوز خورماتو ، ما أدى إلى مقتل نحو ١٦٠ شخصاً وإصابة ٢٤٠ آخرين (الجريدة ٢٠٠٧: ١٨).

      - انفجار تازه خورماتو عام ٢٠٠٩

تازه خورماتو ناحية تركمانية شيعية كبيرة تقع خارج قضاء طوز خورماتو بينه وبين مدينة كركوك، كانت هي الاخرى تحت حماية البيشمركة الكردية، تعرضت الى انفجار بشاحنة مفخخة في ٢٠ حزيران ٢٠٠٩ وأدى ذلك الى قتل ٧٣ شخصا وجرح ٢٠٠ بينهم نساء وأطفال كما أدى الى انهيار نحو ٣٠ منزلا (الانصاري ٢٠٠٩).

      - تفجير حسينية سيد الشهداء عام ٢٠١٣

في ٢٣ كانون الثاني ٢٠١٣، فجر انتحاري يرتدي حزاما ناسفا نفسه في داخل حسينية الشهداء ما اسفر عن مقتل ٤٢ شخصا وأصابة ٤٥ اخرين بجروح مختلفة.

فترة الفصائل المسلحة الشيعية التركمانية و العراقية (٢۰١٤-٢۰١٧)

ظل التركمان منزوعي السلاح ومعرضين للإرهاب اليومي حتى عام ٢٠١٤ حيث في منتصف نفس العام، اجتاحت الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) جميع القرى وناحية سليمان بيك جنوب مدينة طوز خورماتو ولم يتمكن من دخول مدينة طوز خورماتو وحاصر مدينة آمرلي في ١١ حزيران ٢٠١٤. بعد مقاومة شرسة التي اظهرها اهل المدينة غير المتكافئة للقوة المهاجمة، التي كانت تمتلك آليات نقل ودبابات متنوعة، لجأ سكان القرى التركمانية الشيعية، مثل بير أوجلي وقره ناز وجرادغلي إلى مدينة طوز، وبعضهم إلى مدينة كركوك، (هوسلوهنر ٢۰١٤) وتسبب ذلك بمقتل ستة وعشرون شخصًا، ودخلت قوات داعش القرى وألحقت بها دمارًا كبيرًا.

رغم ذلك، استمر الرفض الكردي للسماح للجيش العراقي أو أي جماعة مسلحة أخرى بدخول القضاء لقتال داعش وحماية التركمان الى ان جاءت فتوى المرجعية الشيعية في النجف الاشرف لتشكيل فصائل الحشد الشعبي في ١٣ حزيران عام ٢٠١٤. ففي هذه المرة لم تتمكن الأحزاب الكردية والبيشمركة من منع تركمان طوز خورماتو من تشكيل جماعات مسلحة للدفاع عن انفسهم ومناطقهم في القضاء.

ثم تحول حصار آمرلي الى قضية دولية وأصبح الرأي العام الدولي أكثر اهتماماً بإنقاذها من الوقوع في أيدي داعش، عندها لم يتسنّ للقوى الكردية من منع دخول الفصائل الشيعية العراقية المسلحة الى قضاء طوز خورماتو. وفي منتصف حزيران ٢٠١٤، دخلت فصائل مسلحة من عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، وقوات بدر، وسرايا السلام إلى القضاء عبر قضاء كفري، حيث كان مسلحو داعش يستهدفون الطريق الرئيسي بين طوز خورماتو وبغداد.

استطاعت فصائل الاحزاب الشيعية القادمة الى طوز خورماتو من فك حصار آمرلي، ما أدى إلى انهيار داعش سريعًا. وتم تحرير الجزء الغربي من القضاء وقراه في غضون أسابيع قليلة. وشاركت الفصائل التركمانية، التي تشكلت في قضاء طوز بناءً على فتوى من المرجعية الدينية، مع فصائل الاحزاب الشيعية في قتال داعش. وقد اقتضى الوضع الأمني بقاء الفصائل التركمانية والشيعية في القضاء.

إن تمكن داعش وسيطرتها على العديد من قرى القضاء ومن ثم القضاء عليه لاحقا، وما خلّفه ذلك من عداء طائفي، كان له عواقب مؤلمة جداً، حيث سقط العديد من القتلى والجرحى، ودمر العديد من المنازل والمحال التجارية، وأحياناً ازقة بأكملها ، وكانت القرى قد أفرغت تماماً من شيعتها عندما جاء داعش ومن ثم من سُنّتها عند تحريرها من قبل الفصائل الشيعية، وبقيت العديد من القرى فارغة لشهور وسنوات، ولم يعد اكثر السكان إلى قراهم حتى اليوم.

وفي ظل الواقع الجديد، تحسن الوضع الأمني في القضاء، وتراجعت الهجمات على التركمان بشكل كبير، بما في ذلك بعض التفجيرات متوسطة الشدة، منها:

      - في ٢٩ آب ٢٠١٤، قصف تنظيم الدولة الإسلامية الحي العسكري في طوز خورماتو، مما أسفر عن مقتل خمسة وإصابة ٢٥ آخرين، بينهم خمس نساء وستة أطفال،

      - في ٢٥ تموز ٢٠١٥، قُتل ما لايقل عن ١٢ شخصًا عندما هاجم انتحاريان مسبحًا مزدحمًا في طوز خورماتو،

      - في ٢٢ تشرين الاول ٢٠١٥، انفجرت سيارة مفخخة خارج مسجد شيعي في المدينة، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة ٤٠ آخرين،

      - في ١٢ كانون الأول ٢٠١٧، أدى هجوم بقذائف الهاون على وسط المدينة الى مقتل مدنيين اثنين في وسط طوز خورماتو،

      - في ٢١ تشرين الثاني ٢٠١٧، قُتل ما لايقل عن ٢٣ شخصًا وجُرح ٦٠ آخرون في تفجير انتحاري في المدينة.

لقد كان الاستياء وعدم الارتياح بين الأحزاب الكردية والبيشمركة بسبب وجود الفصائل الشيعية والتركمانية المسلحة في القضاء مصدراً للتوتر المستمر، مما أدى إلى ثلاثة اشتباكات كبرى بين البيشمركة والفصائل التركمانية المسلحة بين عامي ٢٠١٤ و٢٠١٧.

الاشتباك الأول كان في ١٦ تشرين الأول ٢٠١٥، عندما فتح البيشمركة الكردية النار على مجموعة من افراد فصائل التركمانية المسلحة من قرية جارداغلي أثناء مرورهم عبر نقطة تفتيش عند أحد مداخل المدينة، مما أسفر عن مقتل ٣ من التركمان. وردا على ذلك هاجم مسلحون تركمان مفرزة للبيشمركة وقتلوا عددا منهم، وانتشرت الاشتباكات في أنحاء طوز خورماتو، حيث أحرق مسلحون أكراد ٥-١٠ منازل تركمانية في حي آق صو، وأحرق التركمان محال كردية في بعض الأحياء التركمانية، ثم أحرق بيشمركة نحو ٣٠ منزلا تركمانيا في حي البريد. واقتحم عدد من المسلحين الأكراد منزل الكاتب والسياسي التركماني جودت قاضي أوغلو واقتادوه بالقوة أمام عائلته، وما زال مصيره مجهولا حتى اليوم، ثم تدخلت المرجعية الدينية والأحزاب الشيعية العراقية وهدأت الاشتباكات التي استمرت لمدة يومين (إماملي ٢٠١٥).

أما الاشتباك الثاني فقد وقع نتيجة استمرار البيشمركة في مضايقة المواطنين في الأحياء التركمانية، وخاصة من قبل عصابة كانت معروفة في المدينة يقودها كردي يدعى كوران، كانت تبتز أثرياء التركمان في المدينة، في وقت كانت فيه الأحزاب وقوى الامن الكردية مازلت تسيطر على المدينة. وفي ١٥ تشرين الثاني ٢٠١٦، قصفت قوات البيشمركة مقرات الفصائل التركمانية المسلحة، ما أدى إلى مقتل ٨ أشخاص. وفي اليوم نفسه، قصف البيشمركة الوقف الشيعي بالدبابات، مما أدى إلى ردود فعل مماثلة من الفصائل التركمانية. واستمرت المناوشات بين الجانبين ليوم ونصف، وتم التوصل إلى صلح، لكن الوضع بقي متوتراً بين الجانبين تشوبه حوادث بسيطة هنا وهناك.

أما الاشتباك الثالث بين الفصائل التركمانية والبيشمركة فقد وقع عند دخول الجيش العراقي إلى المدينة في ١٧ تشرين الأول ٢٠١٧، حيث تصدت البيشمركة والشرطة وقوات الأمن الكردية للجيش العراقي وهاجمت الأحياء التركمانية. وبحسب بعض الشهود فإن عدد القذائف التي سقطت على المناطق التركمانية بلغ المئات، ما أدى إلى مقتل خمسة تركمان على الأقل وإصابة نحو ثلاثين آخرين، كما أحرقت عشرات المنازل التركمانية. وتعاونت الفصائل المسلحة الشيعية مع الجيش العراقي لسيطرة القوات الحكومة المركزية على القضاء، وأحرق التركمان بعض منازل الأكراد، بالإضافة إلى نحو ثلاثين منزلاً تابعاً لعصابة كوران. وكما ذكرنا في مكان آخر من هذا المقال، فقد غادر القضاء جميع الأكراد وفرغت الأحياء الكردية، وقد أسر الجيش العراقي نحو عشرين من البيشمركة ومن ثم سلمهم للأحزاب الكردية.

وفي تشرين الأول ٢۰١٧، دخل الجيش العراقي الى جميع المناطق الشمالية من العراق وابعد الأحزاب الكردية والبيشمركة منها باستثناء المحافظات الثلاث التابعة للإقليم الكردي.

دور الأحزاب الكردية في مأساة تركمان طوز خورماتو

يعتقد العديد من السكان التركمان والمثقفين والسياسيين في طوز خورماتو أن الأحزاب الكردية لعبت دورًا مباشرًا في هذه الفترة المظلمة التي شهدتها منطقتهم بين عامي ٢٠٠٣ و٢٠١٧. بالإضافة إلى غضها الطرف عن هجمات المتطرفين السنة وداعش ضد التركمان، وهناك تكهنات معقولة بأن البيشمركة وقوات الأمن الكردية اضطلعت بدور مباشر في الهجمات والاغتيالات والاختطافات التي استهدفت التركمان في طوز خورماتو. أما بالنسبة لأسباب هذه التكهنات:

      - كانت للأكراد سيطرة حصرية على القضاء، إداريًا وعسكريًا، وامنيا،

      - وكانت ثلاثة ألوية من البيشمركة تسيطر على جميع مداخل المدينة ثم جاء اللواء الرابع،

      - وكان جميع أجهزة الأمن وقوات الشرطة في القضاء من الاكراد وتحت الادارة الكردية،

      - وكانوا يحيطون بالمدينة من جميع الجهات، ويقيمون نقاط تفتيش ويراقبون جميع مداخل ومخارج المدينة،

      - وجميع الانفجارات وقعت فقط في الأحياء التركمانية بالمدينة،

      - لدى السياسيين والمثقفين الأكراد رغبة جامحة في إقامة دولة كردية في شمال العراق وبأي ثمن كان،

      - يعتبر السياسيون والكتاب الأكراد معظم مناطق شمال العراق، بما في ذلك جميع المناطق التركمانية، مناطق كردية تاريخية وجزءا من وطنهم الام التاريخي، كردستان. (كين ٢٠١١: ١۳-١٤) وقامت المدارس الكردية بتدريس هذا المفهوم للشعب الكردي لسنوات طويلة، بل لعقود، غارسةً هذه الخرافة في نفوس الشعب الكردي. ولعبت التقارير والمقالات والكتب الغربية دوراً مهما في هذا السياق. وهكذا، نما لدى المثقفين والشعب الكردي الشعور بالغبن من ان العرب والتركمان قد احتلوا وطنهم الام التاريخي،

      - نجحت الأحزاب الكردية في التشكيك في هوية المناطق التركمانية والعديد من المناطق الأخرى في شمال العراق من خلال إدراجها ضمن المناطق المتنازع عليها في الدستور العراقي وتثبيت ذلك في دستور ما يسمى بكردستان وضمها إلى خرائطهم الرسمية،

      - رفضت السلطات الكردية جميع محاولات السياسيين والأحزاب التركمانية لأشراك التركمان في نقاط التفتيش على مداخل ومخارج المدينة. وكما ذُكر سابقًا، فقد رفضت أيضا تشكيل فصائل تركمانية مسلحة لحماية التركمان، كما رفضت دخول أية قوة عراقية إلى القضاء لحمايتهم،

      - غادر جميع الأكراد المدينة، بما في ذلك قوات البيشمركة والأمن والشرطة الكردية وجميع الموظفين وجميع العائلات الكردية، عندما دخل الجيش العراقي اليها، وأصبح جميع الأحياء الكردية فارغة من سكانها خوفًا من الأعمال الانتقامية ضدهم.

صحيح أن جميع هذه الأسباب في هذه المرحلة مجرد تكهنات، مهما كانت معقولة وموثوقة. ولا تُشكل هذه (حتى الآن) أدلة قاطعة على أن أفرادًا ووحدات ومؤسسات كردية معينة خططت وأمرت ونفذت وشاركت بشكل مباشر في جميع هذه الحوادث العنيفة ضد التركمان في طوز خورماتو وفي مناطق تركمانية أخرى، بالأخص في محافظة كركوك. لا تُقدم هذه الأسباب سوى أدلة ظرفية في أحسن الأحوال. لذلك، لا بد من إجراء المزيد من البحث لتحديد المسؤولين الحقيقيين عن هذه الجرائم ضد التركمان، ومحاكمتهم أمام المحاكم المحلية أو الوطنية أو الدولية، بغض النظر عن هويتهم الكردية أو أي هوية أخرى.

المصادر الغربية والانحياز للأكراد

هناك أسباب عديدة لتبني الغرب القضية الكردية، منها أن الغرب يبحث عن شركاء استراتيجيين في منطقة حساسة مثل الشرق الأوسط، وأن الأكراد منفتحون على الغرب، وانهم من أكبر المجموعات العرقية في العالم من دون دولة عرقية او اثنية، وأنهم تعرضوا لعمليات قمع شرسة من الدول التي ثاروا فيها وتمردوا عليها، وأن حقوقهم الإنسانية تعرضت لانتهاكات خطيرة.

وقد جذب ربط الأكراد بشعوب منطقة زاغروس القديمة، وطبيعتهم القوية، وجمال أراضيهم، وسحر تضاريسهم التي تضم جبالاً شاهقة وودياناً وعرة، العديد من الرحالة الغربيين على مر القرون، الذين نشروا قصصهم الشيقة عن العرق الكردي. وقد خلق هذا ذلك هالة مشرقة ومبهرة حول العرق الكردي في الغرب، مما أدى إلى زيادة التغطية الإعلامية للأكراد في الأدبيات والدراسات الغربية.

تلا ذلك عقود من حكم حزب البعث، مما أدى إلى تطور الحركة الكردية، وأيضا تعرض الأكراد لأحداث دامية بحيث ساهم هذا الوضع في زيادة اهتمام المراكز الاستراتيجية الغربية بالقضية الكردية، ونُشرت اعداد كبيرة من التقارير والمقالات والدراسات حول الأكراد وتاريخهم وجغرافيتهم ومعاناتهم وقضيتهم.

ولأن العراق لم يكن مفتوحاً للبحث الميداني، فسرت معظم هذه المنشورات الحقائق، واحيانا حرفتها، لصالح الأكراد. وبمعنى اخر، أصبحت التفسيرات الغربية لأحداث المنطقة وسياساتها وتاريخها وجغرافيتها متأثرة بتركيزها على القضية الكردية على حساب المجتمعات العراقية الأخرى، وخاصة التركمان، الذين يشكلون مساحة جغرافية واسعة ونسبة كبيرة جدا من السكان.

إن إعطاء الأولوية للمصالح الوطنية في السياسة الخارجية الغربية، غالبًا غالبا ما تكون على حساب قيم العدالة وحقوق الإنسان التي أرستها المجتمعات الغربية، وهذا مايُعزز بطبيعة الحال نظرية المؤامرة السائدة في المجتمعات غير الديمقراطية حول تعامل الدول الغربية ونواياها تجاه مجتمعاتهم ودولهم. ويتجلى ذلك في التشكيك في نوايا وسلوك جميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في تلك الدول. ومن أسباب ذلك أن سيطرة الدولة على جميع مجالات الإدارة وكثير من الحياة الاجتماعية أمر طبيعي في الثقافات غير الديمقراطية.

تتجلى هذه الظاهرة جليًا في تعامل الغرب مع القضية الكردية. تعتقد غالبية الشعوب التي تعاني من المشكلة الكردية، كالعراقيين والأتراك والسوريين، أن الدول الغربية، بمؤسساتها كافة، منحازة للأكراد وتدعمهم في تحقيق مكاسب استراتيجية وطنية. وتعتقد هذه الشعوب أن الأخبار والتقارير والأبحاث التي تنشرها وسائل الإعلام الغربية ومنظمات المجتمع المدني والجامعات، مُعدّة وفقًا لهذه الاستراتيجية، وتمثل انحيازًا غربيًا للأكراد.

إن معالجة هذه التصورات غير البنائة في الثقافات غير الديمقراطية أمر ضروري لتحسين تصورهم للنظام الديمقراطي ومبادئ حقوق الإنسان والذي سوف يساهم بلا شك في التفاعل الإيجابي لهذه المجتمعات مع الثقافة الغربية وبلدانها.

وفيما يتعلق بعلاقة هذه الظاهرة بموضوع هذه الدراسة، يتضح أن آلاف التقارير والدراسات التي نشرتها وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان والجامعات الغربية حول موضوع الدراسة لم تعكس ولو جزءًا يسيرًا من حقيقة المآسي التي تعرض لها التركمان في طوز خورماتو وكركوك على يد الأحزاب الكردية والبيشمركة على مدى أربعة عشر عامًا غطتها هذه الدراسة.

علاوة على ذلك، انشغل المجتمع الغربي بالقضية الكردية منذ ما يقارب قرنًا من الزمان، الأمر الذي انعكس في سياساته وتعامله لصالح الأكراد، رغم وجود مكونات عراقية رئيسية أخرى تعرضت، مثل الأكراد، لأفظع انتهاكات حقوق الإنسان في ظل نظام البعث.

كما لم يتطرق المصادر الغربية قط إلى عجز ميليشيات البيشمركة كقوة عسكرية غير مهنية، خاصة في مثل الظروف التي كانت قد غابت فيها الدولة وجميع مؤسساتها، علما بان الحكومة العراقية كانت قد أعلنت عجزها عن حماية التركمان لمعظم الفترة االتي تتناولها هذه الدراسة (مجموعة حقوق الأقليات الدولية ٢٠١٤: ٦،١٤). ولم تظهر الدراسات الغربية رغبة الأحزاب الكردية الجامحة في إقامة دولة كردية واباحة استخدام كل الوسائل لتحقيق ذلك.

في الصورة أدناه (الصورة ١) المنشورة على موقع إخباري ألماني في أيلول ٢٠١٤، تقصف قوات البيشمركة الكردية قرية بسطاملي التركمانية الكبيرة من زاوية معزولة، مدعية وجود داعش هناك. وفي ظل الظروف السائدة في المنطقة في ذلك الوقت، لا يمكن تبرئة قوات البيشمركة الكردية، القوة المسلحة الوحيدة في القضاء، من القصف اليومي الذي استهدف طوز خورماتو وعشرات القرى التركمانية في القضاء لسنوات (بيكل ٢٠١٤).

ومن الجدير بالذكر أن الأحزاب الكردية وقوات البيشمركة كانت تقوم بتكريد طوز خورماتو وجميع مناطق شمال العراق، وخاصة تلك التي تنتمي إلى الأقليات، دون أن تهتم الحكومة العراقية وقوات التحالف بذلك وتتخذ الإجراءات اللازمة لمنعها. وقد ذكر تقرير صادر عن مركز الشرق الأوسط التابع لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، "استغل الأكراد الدعم الأمريكي واحتلوا مبانٍ تابعة للنظام العراقي السابق. كما شغلوا منصب رئاسة البلدية ومناصب رئيسية أخرى، وسعوا إلى ربط المدينة (طوز خورماتو) إداريًا بكركوك على حساب تكريت. وفي النهاية، ملأوا الفراغ السياسي والحكومي في القضاء، تاركين المجتمعات التركمانية والعربية الكبيرة في طوز خورماتو عاجزة الى حد كبير". ... "عندما بدأ التركمان والعرب بالشكوى من "تكريد" طوز خورماتو في عامي ۲۰۰٤ و۲۰۰٥، لم تتخذ القوات الأمريكية والمسؤولون الإداريون سوى إجراءات محدودة لموازنة توزيع السلطة المحلي" (سكيلتون ٢٠١٩: ۱٦-١٧).

فيما يتعلق بتكريد المناطق التركمانية، ذكر تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية ما يلي: "في ظل عدم رغبة واشنطن، في الوقت الراهن، في إغضاب حلفائها العراقيين الموثوق بهم، فقد التزمت الصمت إلى حد كبير بشان التكريد التدريجي لكركوك. ولتخفيف التوترات الناجمة عن تدفق النازحين الأكراد إلى المدينة، أطلقت واشنطن أيضًا عمليات إعادة تأهيل ريفية واسعة النطاق. علاوة على ذلك، تقدم واشنطن الدعم الفني والتمويل غير المباشر لهيئة المطالبات العقارية العراقية. وعندما اتُهم المسؤولون بالمساعدة في تكريد كركوك، ورد أن المسؤولين ردّوا بان المجتمعات الأخرى حرة في جلب أفرادها إلى المدينة" (مجموعة الأزمات الدولية ٢٠٠٦: ٢).

وإذا أخذنا عدد المنشورات والمصادر الغربية حول القضية الكردية في العراق نجد أنها أكبر بآلاف المرات مما ينشر عن الأقليات العراقية الأخرى، وخاصة التركمان، الذين لم تكن معاناتهم أقل بكثير من معاناة الأكراد، رغم ان عدد سكانهم (٩٪) لم يكن أقل بكثير من عدد سكان الأكراد (١٣٪) (نايتس ٢٠٠٤: ٢٦٢؛ شاه ٢٠٠٣: ٤).

صورة ١، قصف مدفعي من قبل قوات البيشمركة على قرية بسطاملي التركمانية جنبوي قضاء طوز خورماتو


المصدر: بيكل، م. (۲۰۱٤)، 'Kein Schneller Sie' [لا نصر سريع]، فرانكفورتر ألخماينه، ٩ مايس ۲۰۱٤.

لقد أصبح واضحا اليوم أن التقزيم المتعمد لنفوس التركمان في العراق من قبل الانتداب البريطاني والنظام الملكي عند تأسيس المملكة العراقية بعد الحرب العالمية الأولى كان لحاجات جيوسياسية. أظهرت النتائج الأولية لتعداد عام ١٩٥٧، والذي يعتبره معظم المراجع الغربية اكثر قربا للواقع من حيث حجم المكونات العراقية الصغيرة (الأقليات) والذي رفضه التركمان، أن إجمالي عدد السكان التركمان في العراق بلغ ١٣٦٨٠٦ (الزبيدي ١٩٨١: ٢٨). تجدر الإشارة إلى أن مديرية النفوس العامة التي اجرت تعداد عام ١٩٥٧، كانت تابعة لوزارة الداخلية (المديرية العامة للنفوس ١٩٥٧)، وكان سعيد قزاز، وهو كردي من السليمانية، وزيراً للداخلية (صالح، ٢٠١٠: ٣٠٩ حاشية ١٦). الّا ان النتائج المنقحة لنفس التعداد، الصادر عام ١٩٥٨، عندها كان الوزير قد تغير، أظهرت  أن إجمالي عدد السكان التركمان في العراق بلغ ٥٦٧,٠٠٠ نسمة (نايتس ٢٠٠٤: ٢٦٢؛ شاه ٢٠٠٣: ٤).

وفقا للمديرية العامة للنفوس، فقد قدرت النتائج الأولية للتعداد السكاني نفسه نسبة السكان الأكراد في محافظة كركوك بـ ٤٨.٣٪ (المديرية العامة للنفوس ١٩٥٧: ۲٤٣). ويعتمد الاكراد على هذه النتائج في مطالباتهم بملكية محافظة كركوك وضمها إلى الإقليم الكردي (كين ٢٠١١: ٥). إلا أن النتائج المنقحة للتعداد نفسه، كما ذُكر اعلاه، والتي أظهرت أن عدد السكان التركمان في العراق كان أعلى بنحو اربعة أضعاف النتائج الأولية، لم تطبق على مدينة ومحافظة كركوك، مما كان سيؤدي بلا شك إلى انخفاض كبير في نسبة الأكراد في كلٍّ من المدينة والمحافظة.

تجدر الإشارة الى أن تعداد عام ١٩٥٧ احصى عدد سكان الأكراد بنحو ٩٠٠ ألف نسمة (١٣٪) من إجمالي سكان العراق (نايتس ٢٠٠٤: ٢٦٢؛ شاه ٢٠٠٣: ٤). ومع ذلك، وبدعم من المصادر والمراجع الغربية، وباصرار الأكراد بجميع شرائحهم الإدارية والسياسية والأكاديمية بالغوا في تقدير عدد سكانهم في العراق، أحيانا بنسبة تصل الى ٢٥٪ (جونجردين ٢٠١٦: ١؛ بنغيو ٢٠١٧: ١٥؛ لاسڪي ٢٠١٨: ١)، مما اجبر الحكومة العراقية على قبول نسبة عالية لعدد نفوسهم في العراق، بذلك يحصدون امتيازات ومكاسب من الدولة العراقية من خلال تضخيم نسبتهم من إجمالي سكان العراق.

على كل حال، فإن جميع المنشورات الغربية، التي تقدر بعشرات الآلاف، باستثناء اثنتين أو ثلاث، (نايتس ٢٠٠٤: ٢٦٢؛ شاه ٢٠٠٣: ٤) ، لا تستشهد إلا بالنتائج الاولية لتعداد عام ١٩٥٧، والتي تُقلل من تقدير عدد السكان التركمان في العراق بنحو اربعة اضعاف.

لم تنشر النتائج المنقحة للمناطق التركمانية كل على حدا، وخاصة كركوك، لان المطالبة الكردية بكركوك تستند في المقام الأول الى النتائج الأولية الخاطئة من تعداد عام ۱٩٥٧، والتي تشير بوضوح الى ان عدد السكان التركمان في كركوك آنذاك ، سواء كمدينة او كمحافظة، تم التقليل من شأنه عمدًا بنحو أربعة اضعاف.

أي باحث في جغرافية شمال العراق يلاحظ بسهولة الوجود الواسع للتركمان، الذين تمتد أراضيهم الشاسعة عبر جميع المحافظات الشمالية، بما في ذلك محافظة صلاح الدين، وفي جميع أنحاء محافظة ديالى، وحتى في محافظة الكوت. تكشف عشرات التقارير الغربية التي تغطي النزوح الجماعي للسكان خلال صعود داعش عن وجود تركماني كبير بين العائلات النازحة في جميع أنحاء شمال العراق، بما في ذلك محافظتي ديالى وصلاح الدين (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ٢٠١٨: ٣٣, ٦٦-٦٧, ٢٩-٣٠).

تشير نظرة سريعة على تاريخ العراق، والمصادر متعددة، إلى أن الهجرة الجماعية الكردية من الشرق إلى المناطق التركمانية ليست قديمة، إذ ازدادت بشكل كبير بدءًا من العقد الثالث للقرن العشرين. إلا أن معظم التقارير والأبحاث الغربية لا تتناول هذه القضية. بل يعتبر كثير منها المناطق التركمانية، مثل قضاء كفري ومدينة أربيل التي ازداد عدد السكان الأكراد فيها لاحقًا، مناطق كردية تاريخيًا.

مع الاخذ بنظر الاعتبار التعاطف الواسع النطاق مع القضية الكردية في المجتمع الغربي، فمن المُرجّح ان يكون معدّي هذه التقارير المضللة هم من المؤسسات الغربية، يعملون من مكاتبها، ويتم جلب ما يسمى بالشهود ومقدمي المعلومات (المخبرين) لهم من الذين أعضاء في أحزاب كردية أو في منظمات المجتمع المدني الكردية، او يتم جلبهم من قبل هذه الأحزاب والمنظمات.

في السياق ذاته، وكما شرحنا اعلاه، هناك العديد من التقارير الغربية تعتبر قضاء طوز خورماتو منطقة كردية او تقوم بذكر الاكراد أولا عند ذكر مكوناته، على الرغم من ان التركمان مازالوا يشكلون الأكثرية (٦٥٪) فيه (كركوك ناو ٢٠٢٤).

هكذا، تتضمن معظم التقارير الغربية على معلومات مُحرّفة لصالح الأكراد، فعلى سبيل المثال، فسّر موقع فايس ميديا الحواجز التي بناها التركمان لصد الهجمات على أنها حواجز بناها الاكراد لحماية انفسهم من القناصة. (ماكديارميد ٢٠١٦).

وبحسب تقرير صادر من مجموعة الأزمات الدولية انه "خلال الفترة ٢٠٠٣-٢٠١٧، شهدت مدينة الطوز صدامات متكررة بين الأحزاب الكردية، ...، والأحزاب التركمانية" ... "هرب سكان طوز الأكراد، وأحدث الحشد دماراً كبيراً في الممتلكات الكردية. وبدعم من الحشد، طرد الإداريون الحكوميون الموظفين الأكراد الذين لم يعودوا، واستبدلوهم بموظفين تركمان" (مجموعة الازمات الدولية ٢٠١٨: ١٦، ١٧).

بينما في الواقع، كان التركمان معزولين من السلاح، مُعرّضين لهجمات إرهابية يومية، ولم تكن لديهم القدرة على مواجهة ألوية البيشمركة الثلاثة وقوات الأمن والشرطة المُشكّلة حصرًا من الأكراد الذين كانوا يتحكمون بالمدينة. علاوة على ذلك، فانه وبعد تشكيل الفصائل التركمانية المسلحة عام ٢٠١٤، وقعت هناك ثلاثة اشتباكات فقط بين هذه الفصائل التركمانية والبيشمركة وليس بين الأحزاب التركمانية والبيشمركة حتى عام ٢٠١٧. وقد ذكرت هذه الدراسة تفاصيل هذه الاشتباكات فيما سبق، وفي التعليق على تقرير منظمة العفو الدولية في الفقرة التالية توجد تفاصيل الاحداث بعد وصول الجيش العراقي وحول هروب الأكراد من المدينة، والأضرار التي لحقت بمناطقهم ، وكيف تم تضخيمها.

وفي تقرير لمنظمة العفو الدولية عن دخول الجيش العراقي إلى مدينة طوز خورماتو في تشرين الأول ٢٠١٧، لا بد أن يكون قد تم نقل محتواه من الأكراد، يُلاحظ بانه هناك تحريفاً واضحاً للحقائق لصالح الأكراد، حيث جاء في التقرير: "بدا أن ٩٠٪ من المباني في حي الجمهورية احترقت، ... وأفاد أولئك الذين عادوا لفترة وجيزة إلى المدينة أنهم شاهدوا أضراراً واسعة النطاق في المنازل في حي الجمهورية وحي جميلة، وكلاهما من الأحياء ذات الأغلبية الكردية".

وفي المقالة نشرت منظمة العفو الدولية صورة ملتقطة من أقمار صناعية لجزء من مدينة طوز خورماتو تظهر فيها بعض البقع الحمراء والسوداء لدعم ادعاءاتها، دون إعطاء أسماء الاحياء في الصورة والاكتفاء فقط بالإشارة إلى بعض البقع والسوداء، مدعية أنها دخان من حرق منازل الأكراد، لكن مواقع البقع الحمراء والسوداء في الصورة تتمركز باغلبيتها الساحقة في المناطق التركمانية، بينما تظهر في الصورة حي الجمهورية للاكراد خاليا تقريبا من أية بقع سوداء أو حمراء (منظمة العفو الدولية ٢٠١٧؛ صورة ٢) وكما جرت العادة، عملت وسائل الإعلام الكردية على تحريف الحقائق أكثر (روداو ٢۰١٧).

وكما ذكرنا آنفاً فإن اعتماد المراجع الغربية، بما فيها الأكاديمية، على السياسيين والمثقفين الاكراد والبيشمركة وغيرهم من المصادر والجهات الكردية كمصدر للمعلومات، وبالاخص فيما يتعلق بالأقليات العراقية، وخاصة التركمان، يعد من أهم الأسباب التي تجعل التقارير والأبحاث الغربية تميل إلى تقديم معلومات مضللة وحتى كاذبة لصالح الأكراد وقضيتهم على حساب المكونات العراقية غير الكردية. إذ على سبيل المثال، فقد أعاد أكاديمي غربي الشاعر التركماني هجري ده ده الى الحياة، بعد حوالي عشرين عامًا على وفاته في عام ١٩٥۲، وعينه عضوًا في اتحاد الكتاب (الادباء) التركمان، بهدف إظهار أن التركمان يحاولون محو الهوية الكردية لكركوك ويصورون شخصيات كردية بارزة على أنها تركمانية. ذكر أيضًا أن هجري ده ده لم يكتب الشعر باللغة التركمانية (ليزنبرغ ١٩٩٤: ١٢). غير ان الأغلبية الساحقة لقصائد هجري ده ده هي باللغة التركمانية (فيلدهاوس ٢٠٠٢: ١٧٦)، وله أيضا قصائد باللغة الفارسية، ولكن ليس لهجري ده ده قصائد باللغة الكردية (مردان ٢٠١٠: ١٢؛ كاكائي ٢٠١٩: ١٠).

في تقرير لقناة الجزيرة التلفزيونية جاء فيه "يقول بشتوان قادر، ...، ...: عندما أرتدي الملابس الكردية التقليدية، لا أستطيع زيارة السوق". "الميليشيات الشيعية ستقتلني في اللحظة التي تراني فيها"، "لقد فقد بعض [الأكراد] حياتهم فقط بسبب هويتهم، وأولئك الذين ما زالوا على قيد الحياة لا يستطيعون الكشف عن هويتهم". تتناقض هذه المعلومات بشكل صارخ مع واقع قضاء طوز خورماتو بين عامي ٢٠٠٣ و٢٠١٧، حين كان الأكراد يسيطرون على المدينة بألوية عسكرية من البيشمركة، وكانت قوات الأمن والشرطة كردية

صورة ٢ صورة فضائية لجزء من مدينة طوز خورماتو من مقال لمنظمة العفو الدولية عام ۲۰١٧لدعم ادعاءاتها

صورة ۲.أ عندما تمت زيارة موقع منظمة العفو الدولية والمقالة ذات الصلة في ۲۸ شباط ۲۰۲٥



٢.ب: عند زيارة موقع منظمة العفو الدولية والمقالة ذات الصلة في ١٣ حزيران ٢٠٢٥: حيث تم تصغير حجم الصورة وإزالة اسم طوز خورماتو.


المصدر: منظمة العفو الدولية (٢٠١٧)، ' Iraq: Fresh evidence that tens of thousands forced to flee Tuz Khurmatu amid indiscriminate attacks, lootings and arson' (العراق: أدلة جديدة على أن عشرات الآلاف أُجبروا على الفرار من طوز خورماتو وسط هجمات عشوائية ونهب وحرق متعمد)، منظمة العفو الدولية، ٢٤ تشرين الأول ٢٠١٧ (انظر الى قائمة المراجع).

ملحوظة: أسماء الأحياء كتبها كاتب المقال.

بالكامل. كان التركمان في القضاء في وضع حرج، عاجزين حتى عن الدفاع عن أنفسهم امام الهجمات الإرهابية اليومية. أما الفصائل الشيعية التي دخلت طوز خورماتو عام ٢٠١٤، فكانت تابعة لأحزاب شيعية وثيقة الصلة بالأحزاب الكردية، وحرصت على عدم المساس بعلاقاتها معها في ظل الفوضى الأمنية في العراق (خضر ٢٠١٦).

بعد سقوط نظام البعث، انفتح العراق على الإعلام الغربي ومنظمات حقوق الإنسان ومراكز الأبحاث، حيث كانت مساحات شاسعة من العراق تحت الإدارة الكردية والبيشمركة.

في هذه الأثناء، توافد عدد كبير من المراسلين الغربيين ومراقبي حقوق الإنسان والباحثين إلى المنطقة لمتابعة الوضع عن كثب وتوثيقه، لا سيما مع صعود داعش. تطلب الوضع المتوتر عمومًا مساعدة الأحزاب والإدارة الكردية، وخاصةً مقاتلي البيشمركة، لمرافقتهم إلى مناطق تغطيتهم للاحداث أو مرافقة البيشمركة في مناطق تواجد الاخير. كما انهم كانوا يتلقون دعمًا لوجستيًا متنوعًا من سلطات الإقليم.

هذا الوضع جعل المصادر الكردية، كالبيشمركة والسياسيين والإداريين والباحثين الأكراد - الذين يدّعون ملكية معظم شمال العراق ويحملون رغبةً جامحة في إقامة دولة قومية - المصدر الرئيسي لتزويد الغربيين بالمعلومات حول المناطق المضطربة التي هي موطن لجميع المكونات والأقليات العراقية، وبما فيها جميع المناطق التركمانية. ومن ناحية أخرى، فان العلاقة الوثيقة بين الغربيين والأكراد جعلت من الاخير مصدرًا رئيسيًا لمعلومات الغربيين حول شمال العراق ومكوناته. وهذا ما يُظهر الخطأ الفادح الذي وقع فيه البروفيسور ليزنبرغ في بحثه عن الشبك.

حملة الانفال والنهج الغربي

تعريف الأنفال، كسورة قرآنية، هي الغنائم التي يُحَلّلها الله على المسلمين من أموال الكفار. تعرضت حملة الأنفال، التي شنها نظام البعث عام ١٩٨٨، والتي شملت تدمير قرى كردية في بعض المناطق في شمال العراق، لتشويه واسع النطاق، لدرجة أنه أصبح من الصعب للغاية العثور على معلومات موثوقة عنها في أي منشور. وتلعب التقارير والدراسات الغربية دوراً كبيراً في المبالغة في مضمون الحملة ونتائجها، من حيث تكاليفها البشرية وتأثيرها الجيوسياسي.

لقد بالغت هذه التقارير والأبحاث في تقدير المناطق التي غطتها الحملة وتتناقض في تقدير عدد العمليات التي شملتها. فبعض هذه المنشورات تشير بعض المنشورات إلى ست حملات (حسن، ٢٠٢١)، والبعض الاخر إلى سبع حملات (هيلترمان، ٢٠٠٨)، بينما تُقدّر تقارير اخرى ثماني حملات (هيومن رايتس ووتش ١٩٩٣: ١٠). تُدرج معظم هذه المنشورات أحداثًا ضمن عمليات الأنفال لم تكن في الواقع جزءًا منها، مثل هجمات الجيش العراقي في نيسان ١٩٨٧ على مقر الاتحاد الوطني الكردستاني في قرية باليسان، والتي تُعتبره بعض المصادر الغربية بداية الحملة. ويرى آخرون أن هجوم شباط ١٩٨٨ على قرية الجافاتي كان البداية، وتُدرج معظم المنشورات الغربية الهجوم الكيميائي على حلبجة في مارت ١٩٨٨ ضمن عمليات الأنفال. كما أنه هناك اختلافات في تقدير فترة عمليات الأنفال. فبعض المصادر تقدرها بستة أشهر عام ١٩٨٨ (هيلترمان، ٢٠٠٨؛ منظمة الأمم والشعوب غير الممثلة ٢٠١٣: ٢)، بينما تشير مصادر أخرى إلى أنها استمرت حتى عام ١٩٨٩ (ماكجريجور ٢٠٠٩: ١-٢)، بينما يحددها آخرون بين عامي ١٩٨٧ و١٩٨٨ (بنجيو ٢٠٢٣). ومع ذلك، هناك أحيانا اعتراف ضمني في المنشورات بأن العملية بدأت في تاريخ اقرب الى التاريخ الحقيقي. على سبيل المثال، على الرغم من أن تقرير هيومن رايتس ووتش يعتبر هجوم شباط ١٩٨٨ على الجفاتي بداية حملة الأنفال، إلا أن جدول محتوياته يُحدد بداية حملة الأنفال الأولى في ۲٣ مارت. (هيومن رايتس ووتش ١٩٩٣).

كانت عمليات الأنفال مخطط حكومي رسمي تشمل إجراءات معينة في مناطق معينة، اتخذها حكومة البعث في عام ١٩٨٨. ووفقًا العسكريين العراقيين المشاركين في حملة الأنفال، ان العملية بدأت في شهر رمضان في نيسان عام ١٩٨٨، وكانت على ثلاثة مراحل، المرحلة الثانية كانت في ثلاثة محاور. كان محاور العمليات ووحدات الجيش العراقي المشارك وقادتها كما يلي (انظر الى الخارطة ٢ ادناه):

      - عمليات الانفال الأولى كانت على محور سليمانية - سركلو بركلو - دوكان، اشترك فيها الجحفل الوطني الأول بقيادة اللواء الركن سعد شمس الدين واستمر حوالى عشرة ايام.

      - عمليات الانفال الثانية بدأت بشكل متزامن في ثلاثة محاور ليلتقي في منطقة سنكاو:

      - المحور الاول: سليمانية - قره داغ - سنكاو، اشترك فيه الجحفل الوطني الأول بقيادة اللواء الركن سعيد محمد حمدان.

      - المحور الثاني: جمجمال - سانكاو، اشترك فيه قيادة فرقة المشاة، بقيادة اللواء سعد شمس الدين.

      - المحور الثالث: طوز خورماتو- قادر كرم - سانكاو، اشترك فيه قيادة قوات حماية النفط بقيادة اللواء الركن بارق حاج حنطة.

      - عمليات الانفال الثالثة، كانت على محور جمجمال - اغجالار- شوان - طاق طاق، اشترك فيها بعض من القوات التي اشترك في العمليات السابقة.

استغرقت كل مرحلة من مراحل عمليات الأنفال ما بين أسبوع واسبوعين، أي أن العملية بأكملها استغرقت حوالي شهر تقريبًا وغطت المنطقة الواقعة بين كركوك وطوزخورماتو وكلار والسليمانية ودوكان والتون كوبري (انظر الى الخارطة ٢ ادناه). وكان سكان القرى في معظم المناطق الكردية شرقي شمال العراق قد استُنزف مسبقا، بما في ذلك مناطق عمليات الأنفال، حيث ضغوطات البيشمركة وسنوات من العقوبات الاقتصادية المفروضة ردًا على هجمات البيشمركة، والموقف العدائي للأحزاب الكردية، وتعاونها مع إيران.

تُصوّر التقارير الغربية حملة الأنفال على أنها عملية عسكرية مُخطط لها بدقة ومُنفذة بعناية لإبادة الشعب الكردي، مُبالغةً في حجم ونوع التشكيلات للقوات العراقية المُشاركة فيها (هيلترمان، ٢٠٠٨؛ هيومن رايتس ووتش ١٩٩٣: ١٠). إلا أن الدولة العراقية كانت في حالة انهيار إداري، حيث انضم معظم موظفي الوزارات إلى الجيش، وانخفضت الميزانيات بشكل حاد. وكانت وزارات مثل التعليم والصحة في حالة يرثى لها، وسادت الفوضى في إدارة الأمن والشرطة. عسكريًا، استُنزف الجيش العراقي بسبب سبع سنوات من الحرب مع إيران. جاءت عمليات الأنفال في وقتٍ كان العراق يتعرض فيه لهجماتٍ مُدمرة من قِبل الجيش الإيراني، بدعمٍ من الأحزاب الكردية والبيشمركة في شمال العراق، وكانت قوات الجيش والشرطة والأمن تعاني من نقص حاد في الكوادر المؤهلة والمدربة وذوي الخبرة والموارد اللوجستية.

أما بالنسبة لعلي حسن المجيد، ابن عم صدام حسين، الذي منحه عددًا من الرتب العسكرية والمدنية، منها رتبة فريق ركن، والذي تُنسب إليه جميع التقارير الغربية مسؤولية شخصية عن تخطيط وتنفيذ هذه العمليات، فلم يكن لديه أي تعليم عالٍ أو خبرة عسكرية. كان في الأصل نائب ضابط في سلاح الجو العراقي بكركوك إبان الانقلاب البعثي في ١٩٦٨.

كما بالغت المصادر الغربية الى اقصى الدرجات في استخدام الجيش العراقي للأسلحة الكيميائية ضد الأكراد، وكأنّ جميع المناطق الكردية قد قُصفت بالأسلحة الكيمياوية. ولم يُعثر على أي دليل قاطع على أي استخدام للأسلحة الكيميائية ضد الأكراد في شمال العراق سوى ما حدث في حلبجة. ويبدو أن المراسلين والباحثين الغربيين قبلوا كل ما قيل لهم من قبل السلطات الكردية والأحزاب السياسية وقوات البيشمركة، وكذلك ما قرأوه في المصادر الكردية، على أنه حقيقة، دون التحقق من صحتها.

من المعروف لدى معظم أفراد الجيش العراقي، وخاصة الضباط، أن الأسلحة الكيميائية لم تُستخدم قط ضد المناطق الكردية باستثناء حلبجة. تجدر الإشارة إلى أن كاتب هذا المقال كان ضابط احتياط طبيب على خطوط المواجهة بين عامي ١٩٨١ و١٩٨٥، متنقلًا على طول خط المواجهة من أبعد ساحة معركة في قاطع كرداماند شمال العراق إلى اقصى الجنوب في مدينة الفاو. قبل ذلك وبعده، عمل في مستشفيات الموصل وكركوك، حيث تلقى جرحى الجنود والمدنيين العلاج بشكل متكرر.

فيما يتعلق بعدم استخدام الأسلحة الكيميائية في عمليات الأنفال، فإنه أمرٌ معروفٌ حتى لدى عامة الناس، وحتى لدى الأكراد غير المسيسين وغير المتعصبين العرقيين في معظم المناطق القريبة من عمليات الأنفال، اذ كانت متاخمة لطوز خورماتو وكركوك والتون كوبري، وأن ما يقرب من نصف مناطق الانفال يقع ضمن محافظة كركوك. مع العلم أن الدعاية الكردية المدعومة من المصادر الغربية قوية ومؤثرة في تلك المناطق إلى درجة أنه عندما يسأل المرء عن ما حدث في عمليات الأنفال، يحصل على الإجابة بأن ١٨٠ ألف كردي قتلوا في هذه العمليات - ولكن هذا يتبعه على الفور الملاحظة التالية، "ولكن ليس هناك أي دليل يثبت ذلك".

المعروف عن عمليات الانفال ويمكن ملاحظته في بعض التقارير الغربية ايضا، انه  قبل بدء عمليات الأنفال، أُبلغ سكان جميع القرى بضرورة إخلاء قراهم والانتقال إلى المناطق الكردية الشرقية، وإلا فسيتم نقلهم قسرًا إلى مجعمات خارج المنطقة. تم تحديد عدة مجمعات سكنية جماعية لهم في مناطق مختلفة من محافظات السليمانية وأربيل وكركوك، بالإضافة إلى بعض المحافظات الجنوبية. يُذكر أن سكان القرى التركمانية التي هُدمت خلال الفترة نفسها، مثل قرية بشير، قد أُسكنوا أيضًا في هذه المجمعات في المنطقة نفسها وفي جنوب العراق.

لم يكن هناك سيطرة على الهجرة من هذه القرى بحيث توجه أكثرية سكانها الى المدن القريبة مثل طوز خورماتو وكركوك، حيث توسع حي الجمهورية الكردي وظهر حي جميلة الكردي في مدينة طوز خورماتو وفي كركوك توسع الاحياء الكردية حيث ازداد نفوس حي رحيم اوى الى درجة كبيرة جدا، بحيث أصبح اليوم اكبر احياء مدينة كركوك من حيث السكان، وكان نفوس الحي في عام ۲۰۲۰ خمسة وتسعون الف نسمة تقريبا (الجبوري ۲۰۲١: ٦٦٥). علما بان حي رحيم اوى من الاحياء الكردية حديثة الظهور نسبيا في كركوك في النصف الثاني من القرن العشرين (مجموعة الازمات الدولية ٢٠٠٤: ٩).

وكان قد تم تشكيل مجموعات من موظفي الخدمة المدنية، مثل المعلمين في المناطق المجاورة لمناطق عمليات الانفال، لإبلاغ سكان القرى بضرورة المغادرة. ولذلك، عندما بدأت حملة الأنفال، كانت نسبة كبيرة من السكان قد غادرت قراهم بالفعل، في حين أن الذين بقوا لم يبدوا أي مقاومة أو عصيان تقريباً. على سبيل المثال، في شرق منطقة ليلان في محافظة كركوك، خرجت قوة من الجيش الشعبي والجيش، مُجهزة بمدرعة ووحدة من سلاح الفرسان، لإبلاغ أهالي القرى بضرورة المغادرة. اشتبكت معهم قوة من البيشمركة، تحديدًا في قرية عثمان لك، مما أسفر عن مقتل مفوض شرطة، واثنين من عناصر الجيش الشعبي، وعدد من عناصر البيشمركة.

من الجدير بالذكر أنه في تموز ١٩٨٧، تم نقل ما يقرب من بضعة عشرات من المدنيين الاكراد، بما في ذلك الأطفال والنساء، وجنود عراقيين مصابين بالأسلحة الكيميائية من  قاطع عمليات بنجوين - سيد صادق إلى المستشفى الجمهوري في محافظة كركوك. وكان كاتب هذا المقال طبيبًا مقيمًا أقدم في المستشفى آنذاك، وعلم من زملائه الأطباء المعالجين أن هؤلاء المصابين كانوا من جرحى القصف الإيراني. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: إذا كانت حكومة البعث تريد إبادة الأكراد من خلال الاستخدام الواسع للأسلحة الكيميائية، كما تصورها التقارير والأبحاث الغربية، فلماذا جلبت وعالجت الجرحى بالأسلحة الكيميائية؟ وكان ذلك على الرغم من أن نقل هؤلاء الجرحى من خطوط المواجهة وعلاجهم كان مهمة شاقة للغاية في وقت كانت فيه المعارك شرسة تدور في المنطقة وكانت القدرات العسكرية العراقية قد استنفدت بسبب طول فترة الحرب. وقد انتشرت معلومات في ذلك الوقت عند منتسبي الجيش وحتى عند العامة تفيد بوجود إصابات كيميائية لا تشبه تلك التي تسببها الأسلحة الكيميائية التي يمتلكها الجيش العراقي.

اما بالنسبة للأسباب المباشرة التي عرض الاكراد الى عمليات الانفال وعمليات أخرى بالاخص خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية. تُرجع جميع المنشورات الغربية تقريبا أسبابها الى سياسة التعريب من قبل نظام البعث فقط، (منظمة الأمم والشعوب غير الممثلة ۲۰١٣: ۲) دون التطرق إلى الأسباب المباشرة الكامنة وراءها. 

كانت الحركة الكردية المسلحة ضد الدولة العراقية قد انتهت تقريبا بعد اتفاقية الجزائر عام ١٩٧٥ بين بغداد وطهران، والتي أجبرت إيران على وقف دعمها العسكري واللوجستي للحركة الكردية، اذ كانت المدفعية والأسلحة المضادة للطائرات ومحطة الإتصال اللاسلكية الإيرانية تقدم دعماً مباشراً للحركة الكردية.

ظهرت الحركة الكردية من جديد في ثمانينيات القرن الماضي بفضل دعمها ومشاركتها الفعلية في الهجمات العسكرية الإيرانية على الجيش العراقي، بل القيام بتخطيط هجمات مشتركة مع الجيش الايراني (هيلترمان، ٢٠٠٨). كما قاموا بالعمل كمرشدين للجيش الإيراني داخل العراق، وبالمقابل تلقت الحركة الكردية كافة أشكال الدعم المالي والعسكري من الدولة الإيرانية. حيث ساعدت ميليشيات البيشمركة القوات الايرانية بالتوغّل في عمق الأراضي العراقية واحيانا قصف منشآت حيوية، مثل قصف منشأت النفط في مدينة كركوك.

لم تُنعش الحرب العراقية الإيرانية الحركة الكردية المسلحة فحسب، بل خلقت لها ساحة معركة واسعة، ووسعت نطاق هجمات الأحزاب الكردية لتشمل مساحات شاسعة، وسيطرت على شريط ضيق نسبيًا من الأراضي العراقية على طول الحدود الإيرانية، مثل منطقة بنجوين وحاج عمران ومن ثم في بعض الوديان الوعرة بين الجبال الشاهقة في داخل العراق مثل منطقة سركلو - بركلو وباليسان حيث كانت تتواجد مقرات الحزب الوطني الكردستاني، وكذلك في قرية كلي زيوه في محافظة دهوك، حيث كان يقع مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني. 

كما فقدت الدولة العراقية في الثمانينيات سيطرتها شبه الكاملة على النصف الشرقي من شمال العراق تقريبا نتيجةً للهجمات المتواصلة التي كانت تشنها ميليشيات البيشمركة على الدوائر والمنشاة الحكومية والموظفين وحركة المرور المدنية والعسكرية. وكذلك نتيجة لانشغال الجيش العراقي بالعمليات القتالية في الجبهات على طول الحدود العراقية الإيرانية، التي يبلغ طولها قرابة ألف كيلومتر.

في ظل هذه الظروف الصعبة، وفي مواجهة هجمات شبه يومية من قبل الميليشيات الكردية على الطرق الخارجية الى مستوى بين القرى، كان الجنود وكبار ضباط ووحدات الجيش العراقي تتحرك باستمرا لتزويد وإدامة الوحدات العسكرية في الخطوط الامامية بالعتاد والمعدات والإعاشة على طول الحدود العراقية الإيرانية طوال السنوات الثماني للحرب العراقية الإيرانية (١٩٨٠-١٩٨٨). وكان منتسبي الجيش يمرون عبر هذه الطرق للاستمتاع بإجازاتهم الشهرية.

كانت هذه التحركات أكثر كثافة خلال الهجمات الإيرانية، والتي استمرت أحيانًا لعدة أشهر، حيث تحركت أفواج وألوية وحتى فرق من الجيش العراقي نحو الخطوط الامامية لدعم الوحدات القتالية وصد الهجمات الايرانية. على سبيل المثال، استمر الهجوم الإيراني على جبل ماوات قرابة عام، من شهر نيسان ١٩٨٧ إلى الأشهر الأولى من عام ١٩٨٨. وكانت الخسائر في هذه الهجمات فادحة، إذ قُتل الآلاف، وكثيرًا ما امتلأت المستشفيات العسكرية في العديد من المحافظات بالمصابين بجروح خطيرة، مما استدعى اللجوء إلى المستشفيات المدنية.

كانت البيشمركة تشن هجمات مستمرة على حركة السيارات واليات في الطرق، لا سيما ضد أفراد الجيش العراقي ومركباته ومؤسساته ووحداته، انطلاقًا من القرى الكردية. وكانت الدولة قد حظرت حركة المرور بين المدن بعد الساعة الرابعة عصرًا وحتى صباح اليوم التالي على الطرق في منطقة شاسعة شملت تقريبًا النصف الشرقي من شمال العراق. وقد طُبّقت هذه الإجراءات لفترات طويلة، حتى قبل الحرب العراقية الإيرانية.

تعرضت هذه القوافل العسكرية لهجمات مستمرة من قبل الميليشيات الكردية، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى قبل وصولها إلى الجبهة. قُتل ابن خالة كاتب هذه المقالة، مزهر أحمد، البالغ من العمر  ٣٣ عامًا ترك ثلاثة أطفال وزوجة، في عام ١٩٨٦ خلال هجمات البيشمركة على لواء من القوات الخاصة على طريق كركوك-السليمانية، كان في طريقه إلى الجبهة لدعم وحدات الجيش لصد الهجوم الإيراني.

أما بالنسبة للهجوم الكيميائي على حلبجة في ١٦ مارت ١٩٨٨، فقد وقع بعد أن فاجأت القوات الإيرانية، إلى جانب البيشمركة، الوحدات الأمامية للجيش العراقي وأبادت لواءين. كان أحد اللواءين على خطوط المواجهة، بينما جاء اللواء  ٦٨ من القوات الخاصة للدعم لصد الهجوم. ربما كانت عمليات الأنفال أيضا ردًا على الهجوم الإيراني الكردي على حلبجة، لان التاريخ الرسمي لعمليات الأنفال هو في النصف الثاني من نيسان ١٩٨٨.

بالغت التقارير والأبحاث الغربية بشكل كبير في تقدير عدد ضحايا عمليات الأنفال. فقد قدرت بعض الدراسات الغربية عدد الضحايا الأكراد بخمسين ألفًا قتيلا (هيومن رايتس ووتش ١٩٩٣)، بينما قدرت تقارير غربية أخرى العدد بمائة ألف. بل إن بعض التقارير قدرت عدد القتلى الأكراد في العملية بمئتي ألف (نيوتن ٢٠٠٧: ١٥٣٠) وتردد صدى هذه الأرقام في عدد لاتحصى من التقارير والدراسات الغربية. ولا شك أن هذه المبالغة في المعلومات لعبت دورًا هامًا في تأجيج مشاعر المجتمع الدولي، وخاصة في الغرب، إلى حد كبير، مما ولّد مشاعر عارمة وجذب دعمًا كبيرًا للقضية الكردية. إن هذه المبالغة المفرطة في تصوير معاناة الأكراد، والتي جلبت لهم تعاطفاً ودعماً دوليين هائلين، يمكن اعتبارها أحد الأسباب وراء إهمال المجتمع الدولي لمعاناة المجتمعات العراقية الأخرى، ودفع الأكراد إلى المطالبة بأراضي المجتمعات العراقية الأخرى، ومحاولات الأكراد لتقسيم العراق.

ورغم أن الأحزاب الكردية وقوات البيشمركة، بدعم كامل من التحالف الذي قادته الولايات المتحدة، اكتسبت سيطرة شبه كاملة على إدارة الدولة العراقية لعدة سنوات بعد سقوط نظام البعث في عام ٢٠٠٣، ورغم أن النفوذ الكردي في العراق ظل قوياً منذ ذلك الحين، فإنها لم تتمكن من العثور على أو تقديم أدنى دليل ملموس على مثل هذا العدد الهائل من القتلى، ولا حتى على جثث بضعة آلاف من الأكراد الذين قتلوا خلال حملات الأنفال. 

اذا كان الجيش العراقي استخدم الأسلحة الكيميائية ضد الأكراد بشكل واسع وفي مناطق عديدة، وفقًا لتقارير وأبحاث غربية، وأن كل عملية أنفال سبقها قصف كيميائي، وأن عملية الأنفال جرت على ثماني مراحل شملت معظم المناطق الكردية، فمن المرجح أن جثث ضحايا القصف الكيميائي بقوا في المناطق الكردية - أو على الأقل نصف االقتلى البالغ عددهم ٥۰ - ٢۰۰ ألفًا وفقًا لأبحاث غربية. الأسئلة التي تُثار هنا هي: أين جثث ١۰٠ ألف كردي؟ هل يُعقل أن يجمع الجيش العراقي كل تلك الجثث الملوثة بالأسلحة الكيمياوية ويخفيها في هذه الفترة الحرجة دون أن يراها أحد؟ كيف أُخفي هذا العدد الهائل من الجثث؟ كم طنًا من الأسلحة الكيميائية استُخدمت لقتل هذا العدد الهائل من البشر، وكم كلفت هذه العمليات، في ظل استنزاف الاقتصاد العراقي؟ كيف انخرط سلاح الجو العراقي في هذه العملية الضخمة، وهو متورط في حرب شرسة كانت تهدد بفقدان الأراضي العراقية؟

عموما، كما ذُكر آنفا، قررت محكمة هولندية أن عمليات الأنفال لم تكن مذبحة، (هيلر ٢٠٠٧) وهو ما يعني إلى حد كبير أنه لم يتم استخدام الأسلحة الكيميائية.

يقدر بعض الضباط من الجيش العراقي المشاركين في عملية الأنفال، على انه تم إخلاء حوالي ٣٠۰ قرية خلال العملية بأكملها، ونزوح عدة الالف من القرويين. كما يشير البعض إلى إعدام العديد من القرويين الذين ثبت قيامهم بفعليات ضد الدولة وانتمائهم للبيشمركة.

المناقشة والاستنتاج

جاء في تقرير مفوضية حقوق الإنسان العراقية المقدم إلى لجنة القضاء على التمييز العنصري التابعة للأمم المتحدة في عام ٢۰۱٨:

"أما فيما يتعلق بالانتهاكات التي ارتكبت بحق المكون التركماني في قضاء طوز خورماتو، فتشير اللجنة إلى أن التركمان في هذا القضاء تعرضوا على مدى ١٥ عاماً لاستهداف ممنهج من قبل الإرهابيين والجماعات المرتبطة بهم دون وجود قوة محلية أو مركزية لحمايتهم" (المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق ٢٠١٨: ٩).

إن تجنب التقرير للتطرق إلى مسؤولية الأحزاب الكردية والبيشمركة في الهجمات اليومية التي تعرض لها التركمان طيلة ١٤ عاماً ، مع الاخذ بنظر الاعتبار بأن الأحزاب الكردية والبيشمركة والأجهزة الأمنية الكردية كانت هي القوى الوحيدة المسؤولة عن حماية المناطق التركمانية والتركمان، يعكس المفهوم السائد في الثقافات غير الديمقراطية  بان المساس بالسلطة الحاكمة امر ممنوع ومحرم وينطوي على مخاطر كبيرة.

خريطة رقم ۲   رسم تخطيطي لعمليات الانفال ومحاورها (نيسان-مايس ١٩٨٨)


ملاحظة: تم تصميم الرسم التوضيحي من قبل المؤلف

وكما هي الحال مع المآسي التي عاشها تركمان العراق منذ تأسيس الدولة العراقية، فإن هذه الفترة الطويلة من المأساة التي عاشها التركمان في طوز خورماتو لم يتم توثيقها بشكل واف أيضا حتى يومنا هذا، وهي غير معروفة لدى معظم العراقيين فضلا عن المحفلين الإقليمي والدولي.

ويعود ذلك إلى عمليات التهميش والقمع التي عانى منها تركمان العراق على يد نظام البعث لأكثر من ثلاثين عامًا. وكذلك يعود ذلك أيضًا إلى سيطرة الدولة التركية على الإرادة السياسية للتركمان منذ تسعينيات القرن الماضي، وهيمنتها على مؤسساتهم السياسية ومجتمعهم المدني. وللأسباب نفسها، فشل التركمان في إنشاء منظمات مجتمع مدني مهنية ومؤسسات استراتيجية وسياسية محترفة قادرة على مواجهة التحديات الكبرى. كما أدت هذه الهيمنة التركية على النظام السياسي التركماني إلى تهميشهم بشكل عام، وخاصة بعد سقوط نظام البعث، نتيجة توتر العلاقات التركية الأمريكية بسبب رفض تركيا التعاون مع الولايات المتحدة في الإطاحة بحكومة البعث (جرجيس ٢٠٢١؛ مؤسسة سويتم ٢٠۲٠).

وكما هو الحال مع تركمان طوز خورماتو، فليس من الطبيعي أن تتعرض غالبية سكان منطقة ما لانتهاكات مروعة لحقوق الإنسان ولأكثر من عقد من الزمان دون أن يثير ذلك اهتمام أو تدخل قوى وطنية أو إقليمية أو دولية. ناهيك عن أن العراق كان محط أنظار العالم، حيث يتواجد مراسلو كبرى وسائل الإعلام الغربية وممثلو منظمات حقوق الإنسان الدولية باستمرار في المنطقة.

هذا يعني، في الوقت نفسه، بأن الوجود التركماني في العراق غير معروف وطنيًا وإقليميًا ودوليًا، وكذلك أن حجمهم السكاني الكبير ومساحة مناطقهم الشاسعة غير معروفين. ولعل من أهم أسباب هذا الإهمال يعود الى أن الوجود التركماني في العراق كان عاملاً يصب في صالح تركيا للفوز بولاية الموصل العثمانية، وهي قضية نوقشت في مؤتمرات لوزان وعصبة الأمم لثماني سنوات من عام ١٩١٨ إلى عام ١٩٢٦ (فيلدهاوس ٢٠٠٢: ١٠٧؛ يلدريم ٢٠١٨: ١٦٩-١٨٦). وقد قلّل كلٌّ من الانتداب البريطاني ومملكة العراق عمداً من تقدير عدد السكان التركمان، حيث قدّراهم بنحو ٢٪، وهو رقم كررته الحكومات العراقية المتعاقبة وسط تنامي المشاعر القومية العربية حتى سقوط نظام البعث عام ٢٠٠٣، والذي تم تقديم تفاصيله في مكان آخر من هذه الدراسة.

ولقد لعب غياب الدولة، وانعدام الاستقرار الأمني الشديد، والحرب الطائفية التي أعقبت سقوط نظام البعث دوراً في التعتيم على القمع الذي تعرض له التركمان وغيرهم من المكونات العراقية التي وقعت تحت الحماية الكردية. فضلاً عن ذلك، فقد أصيبت الإدارة العراقية الجديدة، والمجتمع الدولي بالصدمة إزاء ظهور التطرف السني وتطوره السريع، وانشغلت في المقام الأول بالقتال الطائفي في بغداد ووسط العراق، الأمر الذي قلل من تركيزها على ما كان يحدث للعرب والتركمان وغيرهم من الأقليات العراقية تحت سيطرة الأحزاب القبلية الكردية وقوات البشمركة غير المهنية (فاضل ٢٠٠٨؛ سميث ٢٠١٧؛ بالي ٢٠٠٨؛ منظمة العفو الدولية ٢٠١٦؛ هيومن رايتس ووتش ٢٠۰٤).

ومن الاسباب الاخرى لعدم كشف حقيقة المعاناة والتحديات التي يواجهها التركمان عمومًا، وأهالي طوز خورماتو بين عامي ٢٠٠٣ و٢٠١٧خصوصًا، هي الافتقار الى الخبرة في إدارة شؤون الدولة لدى جميع الكوادر السياسية في الأحزاب العراقية التي تولت السلطة بعد سقوط نظام البعث، (ملاحظة ٣) باستثناء الأحزاب الكردية التي اكتسبت بعض الخبرة في إدارة المناطق الكردية في المنطقة الآمنة بحكم الأمر الواقع بين عامي ١٩٩١ و٢٠٠٣. علاوة على ذلك، سيطرت الأحزاب الكردية، بخبرتها المتواضعة في إدارة الدولة وقوات البيشمركة غير المهنية، على ما يقرب من نصف أراضي العراق، حيث يُقدر عدد السكان فيها حاليًا بنحو ٢٠ مليون نسمة، وتعيش فيها تقريبًا جميع الأقليات العراقية وملايين العرب. وقد لعب إصرار الأحزاب الكردية والبيشمركة على إقامة دولة كردية بأي ثمن، إلى جانب اعتماد وسائل الإعلام والمؤسسات الاستراتيجية الغربية على السياسيين الأكراد ومقاتلي البيشمركة، دورًا في هذا السياق.

كما خلصت هذا المقال إلى أن النهج الغربي، من خلال سياساته ووسائل إعلامه ومنظماته المدنية ومراكزه البحثية، تجاه أحداث شمال العراق التي تمس جميع المكونات العراقية، بما في ذلك قضية طوز خورما، غير منصف ومتحيز للأكراد. كما تشير المخطوطة إلى أن الكم الهائل من الروايات التي روّجوا لها حول عمليات الأنفال مبنية على خيالاتهم الشخصية، التي نسجتها مصادرهم الكردية، بما في ذلك مسؤولون وسياسيون وكتاب ومخبرون أكراد، أُعِدّ لهم.

 

شيث جرجيس هو رئيس مؤسسة بحث حقوق الإنسان لتركمان العراق Stichting Onderzoekscentrum Iraaks Turkmeense Mensenrechten (SOITM) in Dutch) ومقرها في نيميغن، هولندا بريده الالكتروني s.jerjis@kpnmail.nl

(Sheth Jerjis is Chairperson of the Iraqi Turkmen Human Rights Research Foundation (Stichting Onderzoekscentrum Iraaks Turkmeense Mensenrechten (SOITM) in Dutch) based in Nijmegen, the Netherlands.   s.jerjis@kpnmail.nl)


* قُدمت هذا البحث الى مؤتمر "ذاكرة الألم في العراق"، الذي نظمته العتبة العباسية، ومنظمة اليونسكو، وكلية الآداب - بغداد، يومي ١٦ و١٧ أبريل ٢٠٢٥، في مدينة كربلاء، العراق.

** شيث جرجيس، رئيس مؤسسة بحث حقوق الإنسان لتركمان العراق، ومقرها هولندا (www.turkmen.nl).

ملاحظات

١ . تم الحصول على معلومات الدراسة حول الأحداث التي جرت في المنطقة بعد سقوط النظام عام ٢٠٠٣ من سياسيين تركمان والموجودين في إدارة قضاء طوز خورماتو، وأعضاء مجلس قضاء طوز خورماتو المنحل عام ٢٠١٩، وشهود عيان، وقد تم إخفاء هوياتهم حفاظاً على سلامتهم.

۲ . تم الحصول على المعلومات بالاتصال الهاتفي مع إدارة مؤسسة انقاذ تركمان العراق.

٣ . المبادئ التأسيسية لحزب البعث العربي الاشتراكي هي إقامة الوحدة العربية والتحرر من الاستعمار من خلال نظام اشتراكي، ورفع شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية. اتخذ الحزب نهجًا ثوريًا، ولم تتقيد بأي وسيلة في تحقيق أهدافه. كما أنه مع مرور الوقت، سيطر صدام حسين في العراق وحافظ الأسد في سوريا على الحزب، وأصبحت أفكارهما وسلوكياتهما هي هوية حزب البعث. تتمثل الاختلافات الرئيسية بين حزبي البعث العراقي والسوري في أن الأول تبنى سياسات اشتراكية أكثر اعتدالاً، ربما بسبب الثروة النفطية الهائلة للعراق، ونهجاً قومياً متشدداً تجاه المجتمع العراقي متعدد الأعراق الذي عانى من القمع. أما في سوريا، فقد تبنى الحزب سياسات اشتراكية أكثر صرامة، ربما بسبب نقص الموارد الطبيعية في البلاد، وسياسة دينية متشددة قمعت الطوائف الدينية، وخاصة السنية، بسبب القيادة العلوية والوجود الواسع لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا.


المراجع - فهرست

مصادر

الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق، 'الشهداء التركمان: صفحات من التاريخ السياسي المعاصر لتركمان العراق ١٩٧٩- ١٩٩١'، دمشق، دار الدليل للصحافة والنشر، ١٩٩٩ .

إدموندز، س. ج.، 'Kurds Turks and Arabs: Politics, Travel and Research in North-Eastern Iraq 1919-1925' (الأكراد والأتراك والعرب: السياسة والسفر والبحث في شمال شرق العراق ١٩١٩-١٩٢٥)، لندن: مطبعة جامعة أكسفورد، ١٩٥٧.

الانصاري، خ.، 'Suicide truck bomber kills dozens in northern Iraq' (شاحنة مفخخة تقتل العشرات شمال العراق) رويترس، ٢١ حزيران ٢۰۰٩، تم زيارة الموقع بتاريخ ٢٧ شباط ٢٠٢٥، ، www.reuters.com/article/worldNews/idUSTRE55J1GL20090621

بالي، أ. ر.، 'Strip of Iraq' on the Verge of Exploding' (قطاع العراق على وشك الانفجار)، الخدمة الخارجية لصحيفة واشنطن بوست، ١٣ أيلول ٢٠٠٨.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 'Local area development program in Iraq: Provincial response plan, Salah al-Din governorate' (برنامج تنمية المنطقة المحلية في العراق: خطة الاستجابة الإقليمية، محافظة صلاح الدين)، بتمويل من الاتحاد الأوروبي وتنفيذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ٢٠١٨.

بنغيو، أ.، 'الأنفال والإبادة الجماعية في حلبجة: الدروس التي لم نتعلمها' (Anfal and Halabja genocide: lessons not learned)، مجلة الشرق الأوسط وأفريقيا ١٤(٣)، ٢٠٢٣، ٢٧٧-٢٩٨.

______، 'The Kurds in a Volatile Middle East' (الأكراد في الشرق الأوسط المتقلب)، مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية، دراسات الأمن والسياسة في الشرق الأوسط رقم ۱٣۰، شباط ۲۰۱٧.

البياتي، ع. ط. خ.، 'قضاء طوز خورماتو: دراسة في الجغرافيا الإقليمية'، رسالة دكتوراه، كلية التربية للبنات - جامعة بغداد، ٢٠١٤.

بيكر، ف. هـ.، 'Iraq as a Failed State: A six month progress report. Executive Summary and Recommendations' (العراق كدولة فاشلة: تقرير تقدمي لستة أشهر. ملخص تنفيذي وتوصيات)، التقرير الأول: ما قبل الحرب حتى أيلول ٢٠٠٣، واشنطن، صندوق السلام.

بيكل، م.، 'Kein Schneller Sie' [لا نصر سريع]، فرانكفورتر ألخماينه، ٩ مايس ۲۰۱٤.

الجبوري، ر. أ. ي.، 'تحليل جغرافي لمشكلة العشوائيات السكنية في مدينة كركوك وسبل معالجتها', مجلة العلوم اإلنسانية والطبيعية، المجلد ٢، العدد ٩، ٢٠٢١.

جاستون، إ. و ديرزي-هورفاث، أ.، 'Iraq After ISIL: Sub-State Actors, Local Forces, and the Micro-Politics of Control' (العراق بعد داعش: الجهات الفاعلة دون الدولة، والقوى المحلية، والسياسات الجزئية للسيطرة)، برلين، المعهد العام للسياسة العامة، ٢٠١٨.

جرجيس، ش.، 'تأسيس النظام السياسي التركماني العراقي وانهياره تحت تسلط الدولة التركية'، مجلة منتدى الإثنوجيوسياسية، المجلد ٩ العدد ١-۲ شتاء ۲٠۲١، تم زيارة الموقع في ٢۲ نيسان ٢٠٢٥، www.turkmen.nl/1A_soitm/ECITPSTCa.pdf

_________، 'من يملك أربيل؟ القضية التركمانية'، مجلة منتدى الإثنوجيوسياسية المجلد ١٠ العدد ١-٢، شتاء ٢٠٢٢. www.turkmen.nl/1A_soitm/WOEA.pdf، تم زيارة الموقع في ٢٣ نيسان ٢٠٢٥.

الجريدة، 'العنف في العراق يحصد ١٥٠ قتيلاً وجيش المجاهدين يلاحق (القاعدة) في بعقوبة'، موقع خبري، العدد ٣٢، ٨ تموز ٢٠٠٧، www.aljarida.com/articles/1461250330055809700، تم زيارة الموقع بتاريخ ٢٧ شباط ٢٠٢٥.

الجزيرة، 'Iraq attacks kill dozens' (هجمات العراق تقتل العشرات)، شبكة الجزيرة الإعلامية، ١٦ أيلول ٢٠٠٥، www.aljazeera.com/news/2005/9/16/iraq-attacks-kill-dozens، تم زيارة الموقع بتاريخ ١٢ حزيران ٢۰٢٥.

الجهاز المركزي للإحصاء، 'تقديرات سكان العراق ٢٠١٥-٢٠١٨'، مديرية السكان والإحصاء والقوى العاملة، وزارة التخطيط، جمهورية العراق، تموز ٢٠١٨.

جونجردين، ج. وأكايا، أ. هـ.، 'Kurds and the PKK' (الأكراد وحزب العمال الكردستاني)، ج. ستون وآخرون، موسوعة وايلي بلاكويل للعرق والإثنية والقومية، لندن: روتليدج، ١-٥، ٢٠١٦.

حسن، غ.، '"عمليات الانفال".. الابادة الجماعية ضد الشعب الكوردي'، مؤسسة دره و (Draw) الاعلامية ١٤ نيسان ٢٠٢١، www.drawmedia.net/ar/page_detail?smart-id=8192،  (تم زيارته في ٢ مارت ٢٠٢٥).

خضر، س.، 'العراق: الجدران الفاصلة لطوز خورماتو' (Iraq: The separating walls of Tuz Khurmatu)، شبكة الجزيرة الإعلامية، ١٨ نيسان ٢٠١٦، تم زيارة الموقع في ٢۲ نيسان ٢٠٢٥،  www.aljazeera.com/news/2016/4/18/iraq-the-separating-walls-of-tuz-khurmatu

ديرزي-هورفاث، أ.، 'Iraq after ISIL: Tuz' (العراق بعد داعش: توز)، برلين، معهد السياسات العامة العالمية (١٧آب ٢٠١٧).

روداو، 'Tens of thousands of Kurds from Tuz Khurmatu unsure their return' (عشرات الآلاف من أكراد طوز خورماتو غير متأكدين من عودتهم)، شبكة روداو الإعلامية، ٣٠ تشرين الاول ٢٠١٧، www.rudaw.net/english/kurdistan/301020175، تم زيارة الموقع بتاريخ ٢۲ نيسان ٢٠٢٥.

رويح، ع.، 'طوز خورماتو تنادي من كربلاء... هل من ناصر ينصرنا؟' شبكة النبأ'، ٨ كانون الاول  ٢۰١٣، https://annabaa.org/nbanews/2013/12/086.htm ، تم زيارة الموقع بتاريخ ١ مارت ٢۰٢٥.

ريج، كل. ج.، ' Narrative of a residence in Koordistan : and on the site of ancient Nineveh; with journal of a voyage down the Tigris to Bagdad and an account of a visit to Shirauz and Persepolis' (رواية عن إقامة في كردستان: وفي موقع نينوى القديمة؛ مع مذكرات رحلة عبر نهر دجلة إلى بغداد ورواية عن زيارة إلى شيراز وبرسيبوليس)، فارنبورو، إنجلترا: جريج إنترناشيونال، مجلدان، ١٩٧٢.

الزبيدي، ل. ع.، 'ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ في العراق'، المكتبة العربية بغداد، الطبعة الثانية ١٩٨١.

زوروتوزا، ك.، 'Imprisoning Themselves to Stay Safe' (سجنوا أنفسهم ليبقوا آمنين)، وكالة إنتر بريس سيرفيس، ٢٢ نيسان ۲۰۱٤، https://reliefweb.int/report/iraq/imprisoning-themselves-stay-safe، تم زيارة الموقع بتاريخ ٢ مارت ٢۰٢٥.

زووم نيوز ، 'Kurds in Tuz Khurmatu brace for general census amid concerns over population representation' (الأكراد في طوز خورماتو يستعدون لإجراء التعداد العام وسط مخاوف بشأن التمثيل السكاني)، ۱۱ تشرين الثاني ۲۰۲٤،https://zoomnews.info/en/50419/ ، تم زيارة الموقع بتاريخ ٢۲ نيسان ٢٠٢٥.

سكيلتون، م. وسليم، ز. ع.، ' Iraq's disputed internal boundaries after ISIS: heterogeneous actors vying for influence' (الحدود الداخلية المتنازع عليها في العراق بعد داعش: جهات فاعلة غير متجانسة تتنافس على النفوذ)، تقرير مركز الشرق الأوسط التابع لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، شباط ٢۰١٩، تم زيارة الموقع بتاريخ ٢ مارت ٢٠٢٥، https://eprints.lse.ac.uk/100100/3/DIBsReport.pdf

سميث، سي. م. وشادريفيان، في.، ' Wilting In The Kurdish Sun: The Hopes and Fears of Religious Minorities In Northern Iraq' (الذبول في الشمس الكردية: آمال ومخاوف الأقليات الدينية في شمال العراق)، لجنة الولايات المتحدة للحريات الدينية الدولية، ٢٠١٧.

شاه، ت. ص.، 'Iraq: Making Ethnic Peace After Saddam A Conversation with Kanan Makiya and Patrick' Clawson (العراق: صنع السلام العرقي بعد صدام: حوار مع كنعان مكية وباتريك كلوسون)، ندوة أدارها تيموثي صموئيل شاه، مركز الأخلاق والسياسة العامة، العدد ١٨، مارس ٢٠٠٣، https://eppc.org/docLib/20030728_CenterConversation22.pdf، تم زيارة الموقع بتاريخ ۱۱ حزيران ٢٠٢٥.

صالح، ع. إ.، 'فيضان ١٩٥٤: فصل من تاريخ بغداد الاجتماعي'، مجلة ديالى، العدد ٤٤، ٢٠١٠.

العزاوي، ع.، 'عشائر العراق (٢) الكردية'، بغداد: مطبعة المعارف، ١٩٤٧.

عصبة الامم، 'Question of the Frontier Between Turkey and Iraq' [مسألة الحدود بین تركیا والعراق] تقرير مقدم إلى المجلس من قبل اللجنة المشكلة بموجب قرار المجلس الصادر في ٣٠ أيلول ١٩٢٤، لوزان: عصبة الأمم.

فاضل، ل.، 'Kurdish Expansion Squeezes Northern Iraq's Minorities' (التوسع الكردي يضغط على الأقليات في شمال العراق)، ماكلاتشي، ١١ تشرين الثاني ٢٠٠٨، www.mcclatchydc.com/news/nation-world/world/article24509785.html، تم زيارة الموقع بتاريخ ٢٢ نيسان ٢٠٢٥.

فان براونسن، م.، 'العراق: التحديات الكردية' (Iraq: Kurdish challenges)، في والتر بوش (محرر)، نظرة إلى العراق، معهد الدراسات الأمنية، الاتحاد الأوروبي، باريس، ص ٤٥-٧٢، ٢٠٠٥.

فيلدهاوس، د. ك.، 'Kurds, Arabs and Britons: The Memoir of Col. W.A. Lyon in Kurdistan, 1918-1945' (الأكراد والعرب والبريطانيون: مذكرات العقيد دبليو. إيه. ليون في كردستان، ١٩١٨-١٩٤٥)، لندن: آي بي توريس، ٢٠٠٢.

كاكائي، ر. ع.، 'كاكائي: يارسان'، شبكة التحالف الاقليات العراقية، ٢٠١٩.

كركوك ناو، 'Government Positions of Tuz Khurmatu District Shared' (تقاسم المواقف الحكومية في قضاء طوز خورماتو)، كركوك ناو موقع اخباري الكتروني، ٢٠٢٤، https://kirkuknow.com/en/news/70183، تم زيارة الموقع بتاريخ ١٠ تشرين الاول ٢٠٢٥.

كين، س.، 'الأراضي العراقية المتنازع عليها: نظرة على الأفق السياسي وتداعياته على السياسة الأمريكية' (Iraq's Disputed Territories. A View of the Political Horizon and Implications for U.S. Policy)، واشنطن العاصمة: معهد الولايات المتحدة للسلام، ٢٠١١، www.usip.org/sites/default/files/PW69_final.pdf، تم زيارة الموقع في ١٠ حزيران ٢٠٢٥،

لاسكي، ج.، 'From Tribe to Nation: Assessing the Influence of Political Exclusion and Access to Mobilization Resources on Kurdish Ethnonationalism' (من القبيلة إلى الأمة: تقييم تأثير الإقصاء السياسي والوصول إلى موارد التعبئة على القومية العرقية الكردية)، ٢٠١٨، https://concept.journals.villanova.edu/index.php/concept/article/download/2261/2151/6842، تم زيارة الموقع بتاريخ ٩ حزيران ٢٠٢٥.

ليزنبرغ، م.، 'The Shabak and the Kakais: Dynamics of Ethnicity in Iraqi Kurdistan' (الشبك والكاكائيون: ديناميكيات العرق في كردستان العراق). معهد المنطق واللغة والحوسبة (ILLC)، جامعة أمستردام، ١٩٩٤، https://eprints.illc.uva.nl/id/eprint/630/1/X-1994-07.text.pdf، تم زيارة الموقع بتاريخ ۱٣ حزيران ٢٠٢٥.

ماكديارميد، ك.، 'The Iraqi Town Where Kurds and Turkmens Shoot Each Other, Not Islamic State' (المدينة العراقية حيث يطلق الأكراد والتركمان النار على بعضهم البعض، وليس الدولة الإسلامية)، فايس ميديا [Vice Media]، ٤ مايس ٢٠١٦.

مجموعة الأزمات الدولية، 'Iraq's Kurds: Toward an Historic Compromise' (أكراد العراق: نحو تسوية تاريخية)، تقرير الشرق الأوسط رقم ٢٦، ٨ نيسان ٢٠٠٤، (تم زيارة الموقع بتاريخ ٢ مارت ٢٠٢٥)

www.crisisgroup.org/sites/default/files/26-iraq-s-kurds-toward-an-historic-compromise.pdf

________________، 'Iraq and the Kurds: The Brewing Battle over Kirkuk' (العراق والأكراد: المعركة الدائرة حول كركوك)، مجموعة الأزمات الدولية - تقرير الشرق الأوسط، العدد ٥٦، تموز ١٨، ٢٠٠٦.

________________، 'Reviving UN Mediation on Iraq's Disputed Internal Boundaries' (إحياء وساطة الأمم المتحدة بشأن الحدود الداخلية المتنازع عليها في العراق)، تقرير الشرق الأوسط رقم ١٩٤ لمجموعة الازمات الدولية، ١٤ كانون الأول ٢٠١٨.

مجموعة حقوق الأقليات الدولية، 'From Crisis to Catastrophe: The Situation of Minorities in Iraq' (من الأزمة إلى الكارثة: وضع الأقليات في العراق)، مجموعة حقوق الأقليات الدولية، تشرين الاول ۲۰۱٤، تم زيارة الموقع بتاريخ ٢ مارت ٢٠٢٥،

https://minorityrights.org/app/uploads/2023/12/download-1468-from-crisis-to-catastrophe-the-situation-of-minorities-in-iraq-english.pdf،

منظمة الأمم والشعوب غير الممثلة، 'الإبادة الجماعية الكردية: تحقيق العدالة من خلال اعتراف الاتحاد الأوروبي' (The Kurdish Genocide: Achieving Justice through EU Recognition)، الذكرى الخامسة والعشرون لمجزرة حلبجة، ٦ مارتر ٢٠١٣، (تم زيارة الموقع بتاريخ ٢ مارت ٢٠٢٥)

www.europarl.europa.eu/meetdocs/2009_2014/documents/d-iq/dv/03_kurdishgenocidesofanfalandhalabja_/03_kurdishgenocidesofanfalandhalabja_en.pdf

_____________________، 'تركمان العراق: كشف القمع في العراق' (The Iraqi Turkmen: Unveiling Repression in Iraq)، تقرير مؤتمر أعدته منظمة الأمم والشعوب غير الممثلة (انبو) في أيلول ٢٠١٣. تم زيارة الموقع في ٢٣ نيسان ٢۰٢٥، https://unpo.org/downloads/765.pdf

إماملي، م.، 'برنامج (رجال صدقوا)الجزء٢/الحلقة١٩/المخطوف جودت قاضي أوغلو/دائرة الوقف الشيعي طوز خورماتو'، ٧ أيلول ٢٠٢٢، محمد إماملي حساب يويتوب www.youtube.com/watch?v=CtJa09DDz-4، تم زيارة الموقع بتاريخ ٢٧ شباط ٢٠٢٥.

ماكجريجور، أ.، 'حزب كوملة العراقي يصف الصراع على كردستان الإيرانية'، مؤسسة جيمس تاون، مراقب الإرهاب، المجلد السابع، العدد ١٠، ٢٤  نيسان ٢٠٠٩، (تم زيارة الموقع بتاريخ ٢ مارت ٢٠٢٥)

https://jamestown.org/wp-content/uploads/2009/04/TM_007_03.pdf

مديرية النفوس العامة (١٩٥٧)، 'المجموعة الإحصائية لتسجيل عام ۱٩٥٧'، الجمهورية العراقية، وزارة الداخلية، محافظتي السليمانية وكركوك، مطبعة العاني - بغداد.

مردان، ن.، 'الزوراء وبدايات الصحافة العراقية في العهد العثماني'، ذاكرة عراقية، العدد ١٩٢١، السنة السابعة ١٤ حزيران ٢٠١٠

مفتي، ن.، Iraq's Turkmen on their own'' (التركمان العراقيون لوحدهم)، الأسبوعية العربية، ، ٢ تشرين الاول ٢٠١٥.

______، 'Iraq's Tuz Khurmatu: A town rich in history and conflict' (طوز خورماتو العراقية: مدينة غنية بالتاريخ والصراع)، الأسبوعية العربية، ٢٦ تشرين الثاني ٢٠١٧.

المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، ' Report on Iraq's Compliance with the International Convention on the Elimination of All Forms of Racial Discrimination submitted to the UN Committee on the Elimination of Racial Discrimination' (تقرير حول التزام العراق بالاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري)، شبكة المعلومات بلد المنشأ الأوروبي، ٢٠١٨، www.ecoi.net/en/file/local/1452161/1930_1542968137_int-cerd-ngo-irq-32978-e.pdf, تم زيارة الموقع بتاريخ ٢ مارت ٢۰٢٥.

المكتب الأوروبي لدعم اللجوء، Iraq - Treatment of Kurds in Tuz and Kirkuk (العراق - معاملة الأكراد في طوز وكركوك)، EASO، استعلام COI، كود الاستعلام Q131، ١٤ كانون الأول ٢٠١٨.

المكتب الرئيسي للإحصاء، "الملخص الإحصائي ۱٩٥٨"، وزارة الاقتصاد، جمهورية العراق، بغداد، مطبعة الزهراء، ۱٩٥٩.

المنظمة الدولية للهجرة، 'التقدم نحو حلول دائمة في العراق: طوز خورماتو' (Progress Toward Durable Solutions in Iraq: Tuz Khurmatu Baghdad)، 'قاعدة بيانات تتبع النزوح (دي تي ام)، المنظمة الدولية للهجرة ، بغداد، آب ۲۰۲٤أ.

_______________، 'Prospects for Resolving Displacement in Areas of Limited and No Return in Tuz Khurmatu district' (آفاق حل مشكلة النزوح في مناطق العودة المحدودة وعدم العودة في قضاء طوز خورماتو)، المنظمة الدولية للهجرة، الأمم المتحدة للهجرة، كانون الاول ٢٠٢٤ب.

منظمة العفو الدولية، ' Banished and dispossessed. Forced displacement and deliberate destruction in Northern Iraq'، (منفيون ومُحرومون. تهجير قسري وتدمير متعمد في شمال العراق)، لندن: منظمة العفو الدولية، ٢٠١٦.

_____________، ' Iraq: Fresh evidence that tens of thousands forced to flee Tuz Khurmatu amid indiscriminate attacks, lootings and arson' (العراق: أدلة جديدة على أن عشرات الآلاف أُجبروا على الفرار من طوز خورماتو وسط هجمات عشوائية ونهب وحرق متعمد)، منظمة العفو الدولية، ٢٤ تشرين الأول ٢٠١٧، www.amnesty.org/en/latest/press-release/2017/10/iraq-fresh-evidence-that-tens-of-thousands-forced-to-flee-tuz-khurmatu-amid-indiscriminate-attacks-lootings-and-arson/، تم زيارة الموقع بتاريخ ٢٨ شباط ٢٠٢٥.

مهدي، أ.، 'فشلت مباحثاتهما.. أربيل دعت بغداد إلى وقف نقل ضباطها والتحقيق'، إيلاف للنشر المحدودة، ٢٨ كانون الاول ٢٠١٣، https://elaph.com/news/789410/?page=1&per-page=10، تم زيارة الموقع في ٢٠ نيسان ٢٠٢٥.

مؤسسة سويتم، 'A Reason of the Terror in the Occupied Iraq' [سبب الإرهاب في العراق المحتل]، تقرير مؤسسة أبحاث حقوق الإنسان التركمانية العراقية ۱٣ مارت ٢۰۰٦، www.turkmen.nl/1A_soitm/Rep.16-C1306.pdf، تم زيارة الموقع بتاريخ ١٢ حزيران ٢۰٢٥.

__________، 'السياسة التركية تجاه تركمان العاراق: استغلال بدون رحمة وانتهاك للقانون الدولي'، منشورات مؤسسة بحث حقوق الانسان لتركمان العراق، مطبعة بندا، نايمخن، ٢٠۲٠، www.turkmen.nl/1A_soitm/BIIA.pdf ، تم زيارة الموقع بتاريخ ١ مارت ٢۰٢٥.

نایتس، م.، 'Operation Iraqi Freedom and The New Iraq: Insights And Forecasts' [عملية تحرير العراق والعراق الجديد: رؤى وتوقعات] معهد واشنطن لسیاسة الشر ق، ٢۰۰٤.

نقيب، م.، 'كركوك وهويتها القومية والثقافية'، اسطنبول: شركة يايلاجيك للطباعة المحدودة، ٢٠٠٨.

نيوتن، أ. م.، The Anfal Genocide: Personal Reflections and Legal Residue )إبادة الأنفال: تأملات شخصية وبقايا قانونية(، مجلة فاندربيلت للقانون العابر للحدود الوطنية، المجلد ٤۰، عدد ٥، ٢۰۰٧.

هوسلوهنر، ا.، 'Iraqi crisis: villagers sprayed with bullets as they fled black flags of ISIS' (الأزمة العراقية: إطلاق النار على القرويين أثناء فرارهم من أعلام داعش السوداء)، صحيفة إندبندنت ٢٤ حزيران ۲۰۱٤

هيلترمان، ج. 'حملة الأنفال عام ١٩٨٨ في كردستان العراق' ('The 1988 Anfal Campaign in Iraqi Kurdistan')، الموقع الالكتروني للمؤسسة الوطنية للعلوم السياسية، معهد باريس للدراسات السياسية، ٣ شباط ٢٠٠٨

هيلر، ك. ج.، 'Dutch Court Concludes Anfal Campaign Wasn't Genocide' (المحكمة الهولندية تخلص إلى أن حملة الأنفال لم تكن إبادة جماعية)، أوبينيو جوريس، ١٩ مايس ٢٠٠٧.

هيومن رايتس ووتش، 'Genocide in Iraq, The Anfal Campaign against the Kurds' (الإبادة الجماعية في العراق، حملة الأنفال ضد الأكراد)، تقرير مراقبة الشرق الأوسط، هيومن رايتس ووتش، نيويورك، واشنطن، لوس أنجلوس، لندن ١٩٩٣.

_____________، 'Claims in Conflict Reversing Ethnic Cleansing in Northern Iraq' (مزاعم في الصراعات بعكس مسار التطهير العرقي في شمال العراق)، هيومن رايتس ووتش، آب ٢٠٠٤، المجلد ١٦، العدد ٤(ئي).

_____________، 'Iraq: Fighting in Disputed Territories Kills Civilians' (العراق: القتال في المناطق المتنازع عليها يقتل المدنيين)، ١٣ كانون الثاني ٢٠١٧،  تم زيارة الموقع بتاريخ ۱۰ مارت ۲۰۲٥،

www.hrw.org/news/2017/10/20/iraq-fighting-disputed-territories-kills-civilians

وكالة انباء براثا، 'احصائية : {١٣٨٩} شهيدا وجريحا وتدمير {٤٧٠} منزلا حصيلة {٣١} تفجيرا استهدف طوز خرماتو في ١٠ سنوات'، ٣ تموز ٢٠١٣، تم زيارة الموقع في ٢٧ شباط ٢۰٢٥،

https://burathanews.com/arabic/news/201587

يزدي، ش. ع.، 'The History of Timur-Bec: Known by the Name of Tamerlain the Great, Emperor of the Moguls and Tartars: Being an Historical Journal of His Conquests in Asia and Europe' (تاريخ تيمور بك: المعروف باسم تيمورلنك الكبير، إمبراطور المغول والتتار: انها يوميات تاريخية لفتوحاته في آسيا وأوروبا)، المجلد الثاني، لندن، طُبع لصالح ج. داربي في بارثولوميو كلوز، ١٧٢٣.

يلدريم، أ.، 'The Mosul Strategy of Lord Curzon' (استراتيجية اللورد كرزون في الموصل)، مجلة أتاتورك وتاريخ الجمهورية التركية، ١/٢، شتاء ٢٠١٨.

الملاحق

الملحق ١، قرار مجلس قيادة الثورة في جلسته المنعقدة بتاريخ ۳١ مارت ١٩٧٥ حول استملاك الأراضي في محافظة كركوك، اغلبيتها الساحقة عائدة لتركمان العراق



الملحق ٢، قائمة لبعض من آلاف الهجمات الارهابية التي وقعت ضد التركمان في مدينة طوز خورماتو واستهدفت الاحياء التركمانية خلال الفترة من ٢٢ آب ٢٠٠٣ ولغاية ٣٠ حزيران ٢٠١٣.



الملحق ٣: قائمة بعمليات القتل والخطف والاغتيال الموثقة للمواطنين التركمان في قضاء طوز خورماتو من عام ٢٠٠٣ إلى عام ٢٠٠٩. وهناك أيضًا حالات غير موثقة في نفس الفترة.


(اعلان)


 

About SOITM Contact Links Turkmeneli TV Al-Turkmaniya TV أرشيف مجلة تركمان العراق ----

     SOITM
Stichting Onderzoekscentrum Iraaks Turkmeense Mensenrechten

Nijmegen - The Netherlands
s.jerjis@kpnmail.nl