ذاق أشقاؤنا فى العراق مرارة السجون وعذابات الهجره وتجرعوا غصة الموت من أجل إقامة نظام ديموقراطى وفى الوقت الذى أدان العالم بأثره الغزو الأنجلو أمريكى للعراق عبر العراقيين عن الامتنان لقوات الغزو أن خلصتهم من القهر ولم يفهم الكثيرين خصوصا فى عالمنا العربى نفسية شعب أراد التخلص من الديكتاتوريه حتى ولو تحالف مع الشيطان فذهبت بهم الظنون مبلغها وأساؤا الظن بشعب العراق ولكن شعب العراق أثبت للجميع وبما لايدع مجالا للشك أنه يبغض الاحتلال بغضه للدكتاتوريه.
وقد ظل شعب العراق ولفتره من الزمن يترقب الوعود المعسوله باقامة نظام ديموقراطى يعد نموذجا يحتذى فى منطقة الشرق الأوسط وقد أسفر هذا الترقب عن مولود لقيط أطلق عليه إسم مجلس الحكم الانتقالى إعتاد العراقيون على وصفه باللاعراقى وقد لوحظ على هذا المجلس اللاعراقى عدم تمثيله لكافة أطياف الشعب العراقى بصوره عادله ومتوازنه فضلا عن حرمان قوى فاعله ومؤثره فى الشارع العراقى من حقها فى التمثيل فى هذا المجلس وقد إنشغل أعضاء هذا المجلس برحلات التريض والترويح عن النفس خارج العراق حتى صار يطلق عليه لدى قسم من العراقيين (مجلس الرحلات أو السفريات) وقد كانت الكلمه الأولى والأخيره فى قرارات هذا المجلس للحاكم المدنى الأمريكى بول برايمر لذلك تنافس أعضاء هذا المجلس فى التقرب والتزلف من ذلك الحاكم. وإزاء كل ذلك شعر العراقيون أنهم وقعوا ضحية أكذوبه كبرى وأن الديموقراطيه الموعوده مجرد سراب وأن لافرق بين برايمر وصدام ومن هنا بدأ العراقيون فى إعلان التمرد على المحتل مذكرين بأنهم ضحوا بالغالى والنفيس ثمنا للحريه والديموقراطيه ومن أجل إقامة نظام ديموقراطى تعددى تحترم فيه آدمية الانسان. وقد كانت أحداث سجن أبو غريب والانتهاكات الصارخه لحقوق الانسان بمثابة ناقوس الخطر للعراقيين فالنظام الجديد أكثر بشاعه من سابقه والسجون مزدحمه بالرواد والاعتقالات بلا تهمه مستمره فى ظل غياب نظام قضائى يكفل حق الدفاع وتوكيل محامين والقتل لمجرد الشبهه هو السمه السائده لدى قوات التحالف.
ومع إقتراب الموعد المحدد لتسليم السلطه للعراقيين قام بريمر (بتعيين) حكومه إنتقاليه جديده - و من المعروف للكافه أن برايمر هو ديكتاتور العراق الجديد - وقد جاءت تلك الحكومه الكرتونيه نسخه مكرره من مجلس الحكم اللاعراقى فلم يمثل فيها الشعب العراقى تمثيلا صحيحا يتفق ومكوناته العرقيه والمذهبيه بل إتسم تشكيل تلك الحكومه الكرتونيه بعدم التوازن وانعدام العداله والتحيز لفئه على حساب أخرى وحرمان شرائح واسعه من الشعب العراقى من التمثيل فى تلك الحكومه وإعطاء شرائح أخرى أكثر بكثير مما تستحق ومن ثم جاءت ولادة تلك الحكومه ولاده غير شرعيه أثارت السخط والحنق لدى فئات عرقيه كثيره لم تمثل فيها.
بقى أن نذكر أن الشعب العراقى الذى ذاق من القهر والذل مالم يذقه شعب آخر على وجه البسيطه لايمكن أن يقبل بحكومه مفروضه من برايمر أو غيره وأنه لابديل أمام هذا الشعب العظيم إلا أن تعود له السياده وأن يعود له حقه الأصيل فى إنتخاب ممثليه بطريقه حره وديموقراطيه وأن يختار بنفسه حكامه فمن غير المعقول أن تذهب تضحياته هدرا ولا يمكن لحفنة الخونه وعصابات اللصوص ومستفيدى (الكامب) أن يجنوا ثمرة نضال هذا الشعب فقد مل العراقيون من حكم الطغاة ومن الطواغيت وآن الأوان لينعموا بحقوقهم الطبيعيه فى حياه حره وكريمه وبما يتناسب مع ماقدموا من تضحيات.